عقدهم وعهدهم مع رسول الله (ص). وكان ذلك في مواجهة سعد بن معاذ الأوسي نفسه قبل أيام. مع ما رافق ذلك من إهانات لسعد سيدهم، وللنبي، وللمسلمين. كما تقدم توضيحه في غزوة الخندق.
والغريب في الأمور: أنهم اعتبروا ندم قريظة على ما فرط منهم من نقض العهد كافيا لاستحقاقهم الاحسان إليهم..
مع أن هذا الندم لم يأت من خلال قناعات نشأت عندهم بقبح ما فعلوه، بل هو ندم نشأ عن خوف البوار والدمار، وحين رأوا البأس. أما حين كان ثمة أمل لديهم بأن تدور الدائرة على النبي والمسلمين، وذلك حين كان الأحزاب يحاصرونهم، فلم نجد لدى بني قريظة هذا الندم، ولا لاحظنا أي تردد منهم في أمر إبادة المسلمين، واستئصال شأفتهم، وخضد شوكتهم.
تكريس المنطق القبلي مرفوض:
أما بالنسبة لقول الأوس - والمقصود هو بعضهم - لرسول الله (ص)، عن بني قريظة: يا رسول الله، حلفاؤنا دون الخزرج، فهو يعطينا أن قبول النبي (ص) هذا المنطق منهم معناه الإقرار منه (ص) بالتعامل على أساس المنطق القبلي، وتكريس حالة الانقسام فيما بين الحيين: الأوس، والخزرج، الذين لم يزل النبي (ص) يعمل على إزالة الحساسيات من بينهم، بل وصهرهم في بوتقة واحدة هي الإسلام. ثم إن ذلك معناه الفصل بين قضايا الدين، وقضية القبيلة والفئة.
فالاستجابة لهم على أساس قبول منطق الأوس السابق يعتبر هدما لما بناه، وتخليا عن الأسس التي لم يزل ينطق منها لبناء المجتمع الإسلامي الناشئ.