وقبل أن نواصل الحديث عن سيرة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، نتوقف قليلا لنسجل بعض ما نرى ضرورة لتسجيله هنا، فنقول:
1 - المريسيع ضربة موفقة لقريش:
وإذا كانت غزوة المريسيع قد أسفرت عن نتائج حاسمة إلى هذا الحد، فإن ذلك يعتبر ضربة موفقة لنفوذ وكبرياء قريش لأنها قد جاءت في منطقة كانت إلى الأمس القريب تقع في نطاق النفوذ المكي إن صح التعبير، ولا أقل من أنها من المواقع المتقدمة في خط الدفاع عن طاغوت الشرك المتمثل في قريش ومن تبعها، وتحالف معها، في مكة وغيرها، مما قرب منها أو بعد عنها.
ومن جهة ثانية، فإن الطريقة التي تمت بها هذه الضربة القاسية، والنتائج التي أسفرت عنها، لابد أن تقنع الكثيرين بأن الوقوف في وجه هذا المد العارم يكاد يلحق بالممتنعات.
وحتى قريش ومكة عموما فإنها قد باتت مقتنعة تماما أنها وحدها غير قادرة على تحقيق نصر حاسم. وقضية أحد هي الشاهد الحي على ذلك، خصوصا، وأن أحدا قد أظهرت وجود بعض الثغرات في الصف الإسلامي، وتهيأت الفرصة لتسديد ضربة موجعة. ولكنها رغم ذلك أيضا قد عجزت عن تحقيق أي شئ، بل هي قد خسرت بالإضافة إلى معنوياتها وروحياتها خسرت سمعتها وكثيرا من تحالفاتها. وتأتي هذه الضربات المتلاحقة هنا وهناك، فتزيد من قوة الإسلام والمسلمين، وتمعن في إضعاف شوكة الشرك والمشركين: