3 - إن وصايا الرسول بالأسرى هنا. وقوله في مورد آخر عن بني قريظة، الذين خانوا عهده ومالأوا عدوه: " اسقوهم العذب، وأطعموهم الطيب، وأحسنوا إسارهم " (1).
إن هذه الوصايا لا تتناقض أبدا مع قتل بني قريظة، فالقتل هو حكم شرعي إلهي لابد من إطاعته وتنفيذ في حقهم. أما إساءة المعاملة للأسير، فتعتبر تعديا على الأسير، وعلى شخصيته.
ويعتبر الاحسان إليه هو الواجب الخلقي، الذي لابد من القيام به، حتى بالنسبة للمحكومين بحكم يصل إلى هذه الدرجة.
إذن، هناك حكمان حيثيتان فرضتهما حالتان موجودتان في موردها فللأسير حقه كإنسان، وعليه العقاب بحسب نوع الجريمة التي ارتكبها، فإنها هي التي تفرض نوع العقاب.
قتل كعب بن أسد:
وأتى (ص) بكعب بن أسد، مجموعة يداه إلى عنقه - وكان حسن الوجه - فقال (ص): كعب بن أسد؟!
قال كعب: نعم يا أبا القاسم.
قال: أما انتفعتم بنصح ابن خراش (جواس)، وكان مصدقا بي؟
أما أمركم باتباعي؟ وإن رأيتموني أن تقرأوني منه السلام؟!
قال: بلى - والتوراة - يا أبا القاسم. ولولا أن تعيرني اليهود بالجزع من السيف لا تبعتك. ولكني على دين اليهود.