وإذا كان سعد قد اعتبر المعترضين على حكمه مجموعة من المنافقين، فكيف يمكن أن نتوقع من النبي أن يوافقهم على ما يريدون، ويحقق لهم ما يشتهون.
وقد أشار البعض أيضا إلى هذه النقطة بالذات، فقال: " يبدو أن الأوس الذين طلبوا التسامح مع بني قريظة اعتبروا غير وفية لمحمد، وليس للأوس. وهذا يعني أن أنصار الشفقة كانوا يعتبرون أنفسهم قبل كل شئ أفراد الأوس وليس أفراد الأمة الإسلامية ".
إلى أن قال: " لقد أدرك رجل بعيد النظر كسعد: أن السماح للعصبية القبلية بالتغلب على الولاء للإسلام يؤدي للعودة إلى الحروب الأخوية التي كانت تأمل المدينة بالتخلص منها بمجئ محمد " (1).
حراجة الموقف والحكمة النبوية:
ومن الأمور التي تؤيد سعدا في اتهامه للمعارضين لحكمه. بأنهم لا خير فيهم حتى ولو كانوا من الأوس - أن هؤلاء الناس قد اتخذوا ابن أبي أمثولة لهم، واعتبروا أن الحكم علي بني قريظة بما يسوءهم لا يعدوا أن يكون عملا شريرا وسيئا.
ومن الواضح: أن هذا يشير إلى أن المعارضين للحكم كانوا عددا يسيرا معلوم الحال، لا يوجب اتهامهم بذلك أي خلل في كيان الأوس، ولا في تماسكهم. ولا يحط من قدر الأوسيين، ولا يذهب شرف جهادهم وكفاحهم من أجل هذا الدين.
وقد كان يمكن لنشاط هؤلاء القلة القليلة أن يكون مؤثرا في إثارة جو من التشكيك والبلبلة لولا حكمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم