واعلم أن هذه الكلمات، وهي قوله عليه السلام: " الآن إذ رجع الحق إلى أهله "، إلى آخرها يبعد عندي أن تكون مقولة عقيب انصرافه عليه السلام من صفين، لأنه انصرف عنها وقتئذ مضطرب الامر، منتشر الحبل، بواقعة التحكيم، ومكيدة ابن العاص، وما تم لمعاوية عليه من الاستظهار، وما شاهد في عسكره من الخذلان، وهذه الكلمات لا تقال في مثل هذه الحال، وأخلق بها أن تكون قيلت في ابتداء بيعته، قبل أن يخرج من المدينة إلى البصرة، وأن الرضى رحمه الله تعالى نقل ما وجد، وحكى ما سمع، والغلط من غيره، والوهم سابق له، وما ذكرناه واضح.
[ما ورد في وصاية على من الشعر] ومما رويناه من الشعر المقول في صدر الاسلام المتضمن كونه عليه السلام وصى رسول الله قول عبد الله بن أبي سفيان بن الحرث ابن عبد المطلب:
ومنا على ذاك صاحب خيبر * وصاحب بدر يوم سالت كتائبه وصى النبي المصطفى وابن عمه * فمن ذا يدانيه ومن ذا يقاربه!
وقال عبد الرحمن بن جعيل:
لعمري لقد بايعتم ذا حفيظة * على الدين، معروف العفاف موفقا عليا وصى المصطفى وابن عمه * وأول من صلى أخا الدين والتقى وقال أبو الهيثم بن التيهان - وكان بدريا:
قل للزبير وقل لطلحة إننا * نحن الذين شعارنا الأنصار نحن الذين رأت قريش فعلنا * يوم القليب أولئك الكفار كنا شعار نبينا ودثاره يفديه * منا الروح والابصار