فيتجاهل عمر هذا التوضيح والتصريح، ويقول له: إن كرهت أن يقتله مهاجري، فأمر أنصاريا.
مع أن النبي (ص) قد أوضح له أن نفس القتل هو الذي سوف يفسد الأمور، ولم تكن المشكلة تكمن في من يقتله. ولو كانت المشكلة هي هذه، فقد كان النبي يدرك أن إيكال أمر قتله إلى أنصاري يحل المشكلة، أو لا يحلها.
النفاق، والمنافقون:
وبعد كل ما تقدم نقول: إنه حين تكون الصفة الطاغية على حركة أو دعوة ما هي الضعف والوهن، وكانت بعيدة عن الالتزام بمعاني الأخلاق والانسانية فإن خصوم هذه الدعوة أو تلك الحركة سيواجهونها بالعنف، والاضطهاد، بقسوة وشراسة.
فإذا ما تشبثت تلك الدعوة بأسباب القوة، فإن خصومها يتجهون نحو أساليب المكر والخديعة، ويوظفون ذلك إلى جانب ما يملكونه من أسباب القوة، ليسد ذلك المكر مواضع الضعف والخلل في تلك الأسباب، وتصبح من ثم قادرة على التأثير في تدمير قدرات تلك الدعوة، أو عرقلة حركتها بصورة أو بأخرى.
فإذا ازدادت تلك الدعوة والحركة قوة، وازداد خصومها تقهقرا وضعفا، فإن أساليب أولئك الخصوم في مواجهتها سوف تتطور وفقا للمستجدات، حتى تنتهي بهم الأمور إلى استخدام أساليب يأباها الشرف وينبو عنها الشعور الانساني النبيل. ذلك هو تاريخ المنافقين فليقرأه القارئون، ليجدوا فيه كل عجيب وغريب في هذا المجال.