2 - إنه (ص) لم يكن ليوصي ذوي القدر والشأن من المهاجرين والأنصار، بهذه الوصية الحساسة والخطيرة، والثقيلة جدا على الكثيرين منهم، إلا حين يكون علي عليه السلام قد حقق إنجازا كبير عجز عنه الآخرون. وقد ألمحت الرواية إلى هذا الانجاز، وهو أنه عليه السلام قد قتل رجالهم. أو عشرة من رجالهم، أولى النجدة منهم (أي من بني قريظة) وقد ذكرت النصوص المتقدمة أيضا: أن فتح قريظة كان على يديه عليه السلام، وتحدثت عن رعب بني قريظة منه بمجرد معرفتهم بقدومه إلى حصنهم، وتحدثت عن هزيمة كبار الصحابة الذين أخذوا الراية، ثم فتح الله على يديه، تماما كما جرى في خيبر.
وكل ذلك يشجعنا على القول: إنه (ص) لم يكن ليطرح قضية إمامة علي عليه السلام بعده، وهو يعلم أن في أصحابه من يستميت في سبيل إبطال هذا الأمر وإفشاله، إلا حينما يكون ثمة هزيمة نكراء لأولئك المناوئين، ونصر مؤزر لأمير المؤمنين عليه السلام يلجمهم عن التفوه بأي اعتراض، ويصدهم عن السعي لبلبلة الأفكار، وتسميم الأجواء والتشكيك في صوابية ما يوصيهم به (ص)، ويأمرهم بالتزامه.
ويلمح إلى هذا بل يصرح به نفس هذا النص الذي نحن بصدده، حيث ذكر أنه (ص) أنما قال لهم ذلك حين قتل عليه السلام رجال بني قريظة، أو عشرة من رجالهم وذوي النجدة منهم، حسبما تقدم.
3 - إن الهيئة الحاكمة وأنصارها حين أعوزتهم الأدلة والبراهين لجأوا إلى أسلوب التهديد، والوعي، والقمع، وعرض العضلات.
ولولا أنهم كانوا على علم بأن قرار علي عليه السلام هو تجنب المواجهة المسلحة لكانوا قد حسبوا ألف حساب قبل أن يقدموا على ذلك.