بداية:
لقد انتهت حرب الأحزاب (الخندق) التي كان المسلمون فيها يعانون من الجوع، والسهر، والخوف، والاشفاق من مهاجمة ذراريهم ونسائهم من قبل أعدائهم. وكان من الطبيعي أن يتنفسوا الصعداء حين رأوا عدوهم يغادر أرضهم خائبا، خائفا، خاسئا، وكانوا يتمون أن يصلوا إلى أهلهم، وذويهم، وبيوتهم، ليرتاحوا من ذلك العناء الطويل.
ولكن هل يمكن لهم أن يطمئنوا على مصيرهم ومستقبلهم وإلى جوارهم أولئك الذين حزبوا الأحزاب، ورموهم بذلك البلاء العظيم، الذي كاد أن يقضي على الإسلام والمسلمين ويستأصل شأفتهم؟
ومن جهة ثانية، ما هو الموقف الذي يمكن أن يتخذه النبي (ص) من بني قريظة الذين كانوا السبب في كل ما حصل؟
" ولو افترضنا: أن النبي (ص) جدد العهد معهم في تلك الفترة فما الذي يمنعهم من نقضه والخروج عليه مرة ثانية كما فعلوا بالأمس، في حين أنهم لم يجدوا منه إلا الصدق والوفاء كما اعترف بذلك زعيمهم حينما دعاه حيي بن أخطب للاشتراك مع الغزاة " (1).
لقد كان منطق الحرب، ومنطق الحذر يدعو إلى مهاجمتهم،