عدالة الحكم على بني قريظة:
ويبقي هنا سؤال: أليس هذا الحكم في حق بني قريظة قد جاء قاسيا وقويا إلى درجة ملفتة؟!
ألم يكن من المناسب أن يستفيد بنو قريظة من عفو الإسلام وصفح النبي الكريم، كما استفاد إخوانهم بنو النضير، وبنو قينقاع من قبل. فيكتفي بإجلائهم، وتقسيم أموالهم وأراضيهم؟!
وقد طلبوا هم أنفسهم أن يعاملهم (ص) بنفس ما عامل به بني النضير من قبل، فرفض طلبهم، وأصر أن ينزلوا على حكمه.
لقد " انتقد بعض الكتاب الأوروبيين هذا الحكم ووصفوه بأنه وحشي، وغير إنساني " (1).
ونحن في مقامي التوضيح نلمح إلى الأمور التالية:
أولا: إن بني قريظة أنفسهم قد رفضوا النزول على حكم رسول الله (ص) وقبلوا بالنزول على حكم حليفهم سيد الأوس، سعد بن معاذ، الأمر الذي يشير إلى أنهم كانوا يسيئون الظن فيما يرتبط بحكم رسول الله عليهم، ولا يثقون. أو فقل: لا يعتمدون على كرمه وحلمه وسماحته، وإمكانية صفحة عنهم، رغم أننا لا نستبعد صفحة صلى الله عليه وآله لو أنهم قبلوا بالنزول على حكمه.
ويرون أن سعد بن معاذ وهو من الأوس حلفائهم في الجاهلية أقرب إلى أن يعاملهم بالصفح والعفو والكرم. وذلك حسب منطقهم الجاهلي، الجاهل بحقيقة الإسلام، وبما أحدثه في عقلية الناس ونفوسهم من تغيرات.