أولا: لأن حكم ناقضي العهد، والمحاربين، الذين لهم حالة بني قريظة ليس ظنيا، بل هو قطعي، يعرفه كل أحد. وكان سعد يعرفه، كما كان معتب بن قشير، وحاطب بن أمية، والضحاك بن خليفة يعرفونه.
ولأجل ذلك نجد هؤلاء الثلاثة قد صرحوا بأن نهاية بني قريظة هي القتل بمجرد أن قال لهم سعد: إنه سوف يحكم فيهم بحكم الله، ولن تأخذه في الله لومة لائم.
فالحكم الشرعي في هذه المسألة كان معروفا لدى الجميع، وليس من قبيل الاجتهاد الظني، كما يزعم هؤلاء.
ثانيا: لو سلمنا أن هذه المسألة اجتهادية، فالاجتهاد إنما هو في تحديد موضوع الحكم المعلوم. لا في استنباط الحكم نفسه، فهو من قبيل حكم السرقة المعلوم لكل أحد. لكن القاضي يبحث عن كون هذا السارق مستجمعا لشرائط قطع اليد في السرقة، التي هي عشرة شرائط، أم ليس مستجمعا لها.
مبررات الأوس لطلب العفو:
ومن يراجع المبررات التي استند إليها الأوس الذين طلبوا الرفق ببني قريظة، يجدها ترتكز على أمور أنشأتها الروح القبلية، وصنعتها وغذتها مفاهيم الجاهلية، وتعاملت بها وعلى أساسها.
فهم يبررون طلبهم ذاك بالحلف الذي كان بين الأوس وقريظة ضد الآخرين، وهو حلف لا يأبي الظلم والتعدي، ويهدف إلى تسجيل النصر في كل من ظروف الدفاع والتعدي على حد سواء، ولا يبتعد عن أجواء التعنجهية والابتزاز، والدعوة الجاهلية.
مع أن الأوس أنفسهم قد رأوا بأم أعينهم كيف نقض بنو قريظة