وقفات مع ما تقدم:
ونقول: يستوقفنا في هذا الحديث عدة أمور، نذكر منها ما يلي:
1 - قد تقدم عدم صحة قولهم: إنهم حين أيقنوا بالهلكة أرسلوا نباش بن قيس، فلما رجع إليهم بالفشل، طلبوا أبا لبابة، ثم نزلوا على حكم ابن معاذ.
والصحيح هو أنهم بعد عودة نباش بقوا أياما (1)، صدوا خلالها - كما تقدم - حملات بقيادة كبار الصحابة، فجاءهم علي، ونادي يا كتيبة الإيمان، وانتهى الأمر باستسلامهم على يديه، وطلبوا أبا لبابة، ثم نزلوا على حكم سعد بن معاذ، كما تقدم.
2 - إن العبارة الأخيرة قد أسندت الأمر إلى القضاء والقدر الذي لا مفر منه. وأنا كما يقول بنو قريظة: " ملحمة وبلاء كتب علينا " وذلك من منطق اعتقادهم بالجبر الإلهي.
رغم أن القرار في إبعاد هذه الملحمة والبلاء عنهم يعود إليهم، وبإمكانهم تغيير مسار الأحداث لو تصرفوا بحكمة وتعقل وإنصاف.
وتركوا الانقياد إلى الهوى، وإلى العصبيات ولعنجهيات الفارغة.
3 - إن صغية اقتراح قتل النساء والذرية تظهر بوضوح حقيقة نظرة اليهود إلى عنصر المرأة، واعتبار من شؤون الرجل، وأن لا شخصية ولا كيان لها إلا بمقدار ما تخدم أغراض الرجل وأهواءه، وما تقدم له من متعة، فليلا حظ قوله: " وإن ظفرنا فلعمري لنتخذن النساء والأبناء ".