فقال صلى الله عليه وآله خالفت يا أبا بكر أمري، ولم تفعل ما أمرتك [به] (1)، وكنت لي - والله - عاصيا فيما أمرتك.
فقام النبي صلى الله عليه وآله وصعد المنبر، وحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
يا معشر المسلمين إني أمرت أبا بكر أن يسير إلى أهل وادي اليابس، وأن يعرض عليهم الاسلام، ويدعوهم إلى الله، فان أجابوه (2) وإلا واقعهم، وإنه سار إليهم وخرج منهم [إليه] (3) مائتا رجل.
فلما سمع كلامهم وما استقبلوه به انتفخ صدره ودخله الرعب منهم، وترك قولي إليه ولم يطع أمري، وإن جبرئيل أمرني عن الله أن أبعث إليهم عمر مكانه في أصحابه في أربعة آلاف فارس، فسر يا عمر على اسم الله ولا تعمل كما عمل أبو بكر أخوك، فإنه قد عصى الله وعصاني، وأمره بما أمر به أبا بكر.
فخرج عمر والمهاجرون والأنصار الذين كانوا مع أبي بكر يقتصد بهم في سيرهم حتى شارف القوم، وكان قريبا بحيث يراهم ويرونه، وخرج إليهم مائتا رجل فقالوا له ولأصحابه مثل مقالتهم لأبي بكر، فانصرف وانصرف الناس معه وكاد أن يطير قلبه مما رأى من عدة القوم وجمعهم، ورجع يهرب منهم.
فنزل جبرئيل عليه السلام فأخبر محمد صلى الله عليه وآله بما صنع عمر، وأنه قد انصرف وانصرف المسلمون معه.
فصعد رسول الله صلى الله عليه وآله المنبر فحمد الله وأثنى عليه وأخبر [هم] (4) بما صنع عمر وما كان منه، وأنه قد انصرف وانصرف المسلمون مخالفا لامري عاصيا لقولي.
فقدم عليه فأخبره مثل ما أخبره به صاحبه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا عمر عصيت الله في عرشه، وعصيتني (5) وخالفت قولي، وعملت برأيك، لا قبح الله إلا رأيك