فقام عمرو بن العاص إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: أنا لهم يا رسول الله، إبعثني إليهم. فقال له: خذ في شأنك. فخرج إليهم فهزموه وقتل (1) من أصحابه ما شاء الله.
قال: ومكث رسول الله صلى الله عليه وآله أياما يدعو عليهم، ثم أرسل بلالا وقال: ائتني ببردي النجراني وقبائي (2) الخطية.
ثم دعا عليا عليه السلام فقعد له، ثم قال: أرسلته (3) كرارا غير فرار.
ثم قال: اللهم إن كنت تعلم أني رسولك فاحفظني فيه، وافعل به وافعل.
فقال له من ذلك ما شاء الله.
قال أبو جعفر عليه السلام: وكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله شيع عليا عليه السلام عند مسجد الأحزاب وعلي عليه السلام على فرس أشقر مهلوب (4) وهو يوصيه.
قال: فسار وتوجه نحو العراق حتى ظنوا أنه يريد بهم غير ذلك الوجه، فسار بهم حتى استقبل الوادي من فمه، وجعل يسير [في] (5) الليل ويكمن النهار، حتى إذا دنا من القوم أمر أصحابه أن يطعموا الخيل، وأوقفهم مكانا وقال: لا تبرحوا مكانكم.
ثم سار أمامهم، فلما رأى عمرو بن العاص ما صنع، وظهرت آية الفتح، قال لأبي بكر: (إن) (6) هذا شاب حدث، وأنا أعلم بهذه البلاد منه، وههنا عدو هو أشد علينا من بني سليم - الضباع والذئاب - فان خرجت علينا نفرت بنا وخشيت أن تقطعنا، فكلمه يخلي عنا نعلوا الوادي. قال: فانطلق [أبو بكر] (7) فكلمه وأطال، فلم يجبه حرفا فرجع إليهم فقال: لا والله ما أجاب إلي (8) حرفا.
فقال عمرو بن العاص لعمر بن الخطاب: انطلق إليه لعلك أقوى عليه من أبي بكر.
قال: فانطلق عمر، فصنع به ما صنع بأبي بكر، فرجع، فأخبرهم أنه لم يجبه حرفا.