ثمنها من جملة الغنائم، فكايده فيها حاطب بن أبي بلتعة (1) وبريدة الأسلمي وزايداه، فلما نظر إليهما يكايدانه ويزايدانه انتظر إلى أن بلغت (2) قيمتها قيمة عدل في يومها فأخذها بذلك.
فلما رجعا (3) إلى رسول الله صلى الله عليه وآله تواطئا على أن يقولا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله فوقف بريدة قدام رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: يا رسول الله ألم تر إلى علي بن أبي طالب أخذ جارية من المغنم دون المسلمين؟ فأعرض عنه [رسول الله صلى الله عليه وآله] (4)، فجاء عن يمينه فقالها، فأعرض عنه، فجاء عن يساره فقالها، فأعرض عنه.
قال: فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله غضبا لم ير قبله ولا بعده غضبا مثله وتغير لونه و (تزبد) (5) وانتفخت أوداجه وارتعدت أعضاؤه وقال: مالك يا بريدة آذيت رسول الله صلى الله عليه وآله منذ اليوم؟ أما سمعت قول الله عز وجل (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة واعد لهم عذابا مهينا والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا).
فقال بريدة: ما علمت (6) أني قصدتك بأذى.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أو تظن يا بريدة أنه لا يؤذيني إلا من قصد ذات نفسي؟
أما علمت أن عليا مني وأنا منه، وأن من آذى عليا فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله فحق على الله أن يؤذيه بأليم عذابه في نار جهنم؟
يا بريدة أنت أعلم أم الله عز وجل؟ وأنت أعلم أم قراء اللوح المحفوظ؟ وأنت أعلم أم ملك الأرحام؟ فقال بريدة:
بل الله أعلم، وقراء اللوح المحفوظ أعلم، وملك الأرحام أعلم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: فأنت أعلم يا بريدة أم حفظة علي بن أبي طالب؟