مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ١ - الصفحة ١١٠
والغربة تلك هي نفسها التي شعر بها المتنبي يوما حين قال:
ما مقامي بأرض نخله الا * كمقام المسيح بين اليهود أنا في أمة تداركها الله * غريب كصالح في ثمود أنها الغربة نفسها لأنها غربة أصحاب الإمكانات الكبيرة والطموح الكبير والآمال العريضة الذين يصابون بخيبات أمل من واقع لا يساعدهم ويقف فوق ذلك موقفا اعتراضيا من مواهبهم ومزاياهم. والا كيف نفسر إذن شخصا بإمكانات عبد المطلب ومنزلته كان يسكن غرفة متواضعة في أحد الشوارع المتشابهة من منطقة النهر في بيروت، وفي تلك الغرفة زاره دبلوماسيون عرب وأجانب؟
قلنا أن عبد المطلب كان يمتلك الأدوات اللازمة والعناصر الضرورية ليكون شاعرا كبيرا، امتلك اللغة ووضوح الموقف والموهبة وغزارة الانتاج... الخ وضوح الموقف والموهبة وغزارة الإنتاج... الخ قال الدكتور حسين مروة في ذلك: يملك العدة الكافية، بل الغنية، لدقة الاختيار وبراعة الاستصفاء، ثم لأحكام البناء الشعري واتقانه. وفي مكان آخر يشير الدكتور مروة إلى امتلاكه، أي عبد المطلب، الوثيق لكل أدوات اللغة الشعرية وقواعد النحو والعروض... وفضلا عن تملكه لتلك الأدوات والعناصر كان بامكانه أن يجير موقعه الاجتماعي والسياسي كسفير ومنشاه في بيت السيد محسن الأمين ويستعين بهما لكي يشيع شعره ويدفعه إلى التداول، لكنه لم يفعل ذلك واكتفى بأنه أنشد الشعر بعفوية ليهمله على الفور بعد انشاده تاركا لأصدقائه أن يحافظوا على شعره وأن يحفظوه. ورغم محبتهم له ولشعره لم تنج قصائده من البعثرة والضياع إلى حد يدفعنا إلى الاعتقاد أن ما جمع من أشعاره لا ينقل بأمانة تفاصيل عبد المطلب التي يتحدث عنها أصدقاؤه، وربما لا يكون ذلك بسبب قلة ما جمع من أشعاره بل بسبب كون الشعر بالنسبة إليه مجرد هواية متطورة لم يشأ أن يدخلها في باب الاحتراف مدخرا لهذا الباب طاقة أخرى غير الشعر، ربما كانت السياسة، ظلت هي بدورها خارج باب الاحتراف.
الهواية في الشعر دون الاحتراف استندت عند عبد المطلب إلى أسس ثلاثة:
الأساس الأول: هو ان الشعر لم يكن عالمه الوحيد ونظن أنه لم يكن الأهم ولذلك لم تكن عنايته به موازية لموهبته فيه. يقول الدكتور حسين مروة عن شعره:
" انه التفجر الأفقي المندفع خلال قشرة الاحساس ويأتي، حين يأتي، استجابة لتوترات عفوية آنية يدفعها من العمق إلى... ذلك كان شأنه في أغلب حالاته الشعرية... سمة العفوية انسحبت على تعامله مع اللغة الشعرية في معظم ما كتبه شعرا بل انسحبت كذلك، أحيانا، على تعامله مع قواعد النحو و العروض رغم امتلاكه الوثيق لكل أدوات اللغة الشعرية وقواعد النحو والعروض ".
يضيف الدكتور مروة: " كانت استجاباته للحظات التوتر النفسي، تندفع بقسرية حادة وبنورية لا تمهله أن يتوقف ليقارن ويختار ويستصفي ثم ليبني قصيدته بروية وتدقيق وأحكام... ".
الأساس الثاني: ان الشعر عنده لم يكن طاقة استثنائية يندر وجودها، بل أن ملكة الشعر بين يديه قد توفرت في بيت عج بالشعراء وقد ذكرنا أن اخوته الثلاثة يكتبون الشعر، إضافة إلى عدد من أقاربه مما يترك الانطباع أن من طبيعة الأمور أن يكتب عبد المطلب الشعر من أجل الابداع في ميدان آخر ينبغي التفتيش عنه.
الأساس الثالث: انتماء شعره إلى ما يسمى الشعر العاملي. والشعر العاملي ليس حدثا مفتعلا أو قولا ينحو نحو المبالغة. الشعر العاملي ظاهرة تستحق التوقف وقد بادر الأستاذ حسن الأمين شقيق عبد المطلب كما بادر غيره إلى جمع بعض التراث العاملي وما زال الجزء الأكثر من هذه الظاهرة مبعثرا في الذاكرة الشعبية أو في الكتب أو في الأوراق الخاصة المغمورة...
لقد تفرد جبل عامل بهذه الميزة بحيث لم تخل قرية فيه من شاعر ينشد أو ينظم أو يقرض شعرا بالفصحى وإذا لم يتوفر فبالعامية. وربما تكون هذه الظاهرة مرتبطة بالتراث الشعري القديم أكثر من تأثرها بالتيارات الجديدة بدءا من المدرسة الرومنطيقية وحتى يومنا هذا ولذلك جاء شعر عبد المطلب أكثر استجابة لظاهرة الشعر العاملي بعفويته منه إلى التيارات الغنية والشعرية منها بخاصة، رغم كونه ولج باب الجديد وكتب خارج المألوف التراثي من موزون الشعر ومقفاة...
وعن هذه المسألة كتب الدكتور حسين مروة أيضا يحدد انتماء شعر عبد المطلب:
" ان الذي نقدمه من شعره، وهو بعض شعره لا كله، يتخذ مسارا يتقاطع حينا، ويتوازى حينا مع مسار حركة الشعر الجديد،... ان عبد المطلب كان أزخر طاقة وأقوى طموحا وحيوية، وأشد اندفاعا للانطلاق والتطور والتحرر من أن يتخلف عن قافلته... ".
إذن هل ينتمي شعر عبد المطلب إلى تيار الجديد؟ لا، لكنه ليس غريبا أو بعيدا أو قاصرا عنه. كان قادرا على مواكبة الحركة الشعرية وقد عايش انطلاقتها بين الحربين وبشكل خاص بعد الحرب العالمية الثانية، لكن نتاجه الشعري لم يكن بشكل عام، مواكبا لها.
هذا عن عبد المطلب الشاعر. أما عبد المطلب السياسي فقد يكون الحكم عليه مقاربا وقد يكون النموذج الذي تكون عليه شاعرا هو نفسه الذي تكون عليه سياسيا... لذلك نسارع إلى القول أنه عمل في السياسة هاويا، أيضا، وليس محترفا، لكنه هاو بامكانات محترف، هاو يجيد بامتياز حرفة السياسة التي منع عن احترافها في السلطة بينما امتنع عنها في المعارضة الحزبية.
أما عمله كدبلوماسي فلم يدم طويلا رغم نجاحه الباهر حسب زهير مارديني أحد أصدقائه وهو يروي عن لسان سعد الله الجابري رئيس وزراء سوريا ووزير خارجيتها آنذاك وإذا كان عبد المطلب أحد مؤسسي وزارة الخارجية السورية فهل إلى جانب ذلك أول سفير أو قائم بالأعمال السوري لدى الاتحاد السوفياتي وقد كان ذلك في الأربعينات أي في السنوات العصيبة التي مرت بالعالم العربي، أبان معارك الاستقلال وفي فترة النكبة والتآمر الامبريالي على الشعب الفلسطيني والشعوب العربية. ويحكى عنه نافذ البصيرة ثاقب الرؤيا حيال القضية الفلسطينية لكنه كان يقترح في واد والعرب الخونة يقررون في واد آخر فاعتبرهم عبد المطلب من أفضل الذين يتقنون غموض المواقف واستعداء الآخرين، ومن أفضل الذين " يكبرون الكلام ". على أن عمله في الحقل الدبلوماسي لم يدم طويلا فما لبث بعد عودته إلى سوريا أن استقال من
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة - آتش حيدر علي فيضي - آصف الدولة - إبراهيم شرارة 5
2 إبراهيم العلوي بن حسين - إبراهيم مجتهد - أبو الحسن شمس آبادي - أبو الفضل الطهراني - أحمد القزويني بن السيد حميد 10
3 أحمد آل كاشف الغطاء - السيد أحمد الخونساري - أبو العلاء المعري 12
4 أحمد بن منير الطرابلسي 15
5 إسماعيل الصفوي 18
6 أفضل الدين الكاشاني 19
7 أسامة بن منقذ - انشاء الله خان - أنيس 21
8 باقر كاشف الغطاء - باقر أمين الورد - باقر سماكة بن الشيخ محمد - باقر عبد الغني - بدران المزيدي 22
9 البرسيين - بزرك أبو الحسن علوي 23
10 تقي الشيخ راضي - توفيق الفكيكي - جابر الشكري بن عزيز - جرأت - جعفر الخليلي 24
11 جعفر همدر 25
12 جواد علوش - جون 28
13 حبيب بن محمد - حسن علي نجابت - حسين الخادمي - ابن سينا 30
14 حسين القزويني 35
15 حسين معتوق - أبو نواس الحسن بن هاني 36
16 حسن البحراني 40
17 الحسين بن نما الحلي 41
18 حيدر الآملي 42
19 حيدري - خضر المهراني - خضر الطائي - الخطاطون في العهد الصفوي 43
20 الخليل الفراهيدي 46
21 خليل مغنية 47
22 خليل ياسين 48
23 دبير - دبيس المزيدي - دعبل الخزاعي 50
24 رجل من بني ليث - ذو فقار الدولة - راضي آل ياسين 51
25 رضي ذو النوري - راغب حرب - رحيم آرباب - زاير البرسي - سبط الحسن الجايسي - سعد صالح 52
26 سعيد نفيسي - سكينة بگم - سليم حيدر 53
27 سليمان عبد الجبار - سودا - شاكر هادي شكر - شهدة - صادق شفق 56
28 صادق الفحام - صالح الشهرستاني - صدر الدين الصدر 58
29 صدر الدين شرف الدين - صدر الدين الدهلوي - صفي 59
30 الضحاك المشرفي - ضياء الدين الخالصي - ضياء الدين العراقي 60
31 طاهر بن يحيى - طه باقر - الطفيل - طلائع بن رزيك 61
32 ظالم بن عمرو أبو الأسود الدؤلي 62
33 ظالم بن شراق - عابس الشاكري - العباسيون 64
34 عارف الحر 79
35 عباس اقبال 80
36 عباس أبو الحسن 81
37 عباس القمي - عباس الشيرازي - عباس القرشي 82
38 عباس الهمداني 83
39 عبد الحسين دست غيب - عبد الحسين الأميني - عبد الحسين الحلي 84
40 عبد الحسين نور الدين 85
41 عبد الرؤوف الأمين 86
42 عبد الرضا صادق 89
43 عبد الرضا المطبعي - عبد العزيز بن البراج 91
44 عبد الصاحب الحكيم - عبد الكريم الخليل 97
45 عبد الكريم بن طاووس - عبد الكريم الهاشمي - عبد الله الجزائري 100
46 عبد الله التستري - عبد الله الشيرازي - عبد الله الكلبي - عبد الله الطائي 101
47 عبد الله وعبد الرحمن الغفاريان - عبد الله أحمديه 102
48 عبد الله الشيرازي - عبد الله الصائغ 103
49 عبد الله بن سلمة - عبيد الله الكوفي - عبد المطلب الحلي 106
50 عبد المطلب الأمين 107
51 عبد المهدي مطر 112
52 عبد الله الجعفي - علي إبراهيم 115
53 علي رضا عباسي 117
54 علي أكبر دهخدا 119
55 علي أكبر نواب - علي الأنصاري الشيرازي - سيف الدولة علي بن حمدان 121
56 علي بن عبد الله بن العباس - علي البحراني - علي النوري 124
57 علي آل شبانة - علي البهبهاني - علي الشيرازي 125
58 علي بن الحسن شميم الحلي 126
59 علي بن حمدون - علي المراغي - علي الهمذاني 127
60 علي الميبدي - علي الخياباني - علي الأبزري - علي نياز - عطية الكوفي - عمرو الأنصاري - عمر الصيداوي - غالب 128
61 غلام رضا سرخي - فاضل الجمالي 129
62 فؤاد عباس 148
63 فتى من أهل الكوفة - الفضل بن جعفر - الفضل بن الزبير الكوفي 149
64 القاسم بن معية - القاسم بن مظاهر - قيس النابغة الجعدي 154
65 قيس النجاشي - كليب الجرمي - الكميت 155
66 لطف الله العاملي 160
67 لطف الله البحراني - ماجد الصادقي - عضد الدين المبارك الأسدي 162
68 مجيد العطار 163
69 محمد بن أبي بكر الهمذاني - محسن جمال الدين - محسن الموسوي - محمد أبو نصر الفارابي 164
70 محمد أبو النديم 174
71 محمد بن إدريس الحلي 178
72 محمد باقر - محمد حسين الكازروني - محمد الحسيني - محمد المتخلص - محمد الشيرازي - محمد معصوم - محمد الكازروني الطبيب - محمد الدهدار الشيرازي - محمد نصير الدين 179
73 محمد مهدي حجاب الشيرازي - محمد بن يوسف الشيرازي - محمد بن الحسين الشيخ البهائي 180
74 محمد الغفاري كمال الملك 181
75 محمد باقر الدهلوي - محمد صادق بحر العلوم - محمد بهشتي 183
76 محمد تقي بهار 184
77 محمد الحجة - محمد جمال الهاشمي 185
78 محمد حرز الدين - محمد الخليلي 186
79 محمد حسن الحكيم 187
80 محمد أبو جعفر الطوسي 188
81 محمد تقي الآملي 199
82 محمد جواد باهنر - محمد حسين آزاد - محمد الطباطبائي - محمد رضا الشبيبي 200
83 محمد رضا القمي - محمد شريف خان - محمد مفتح - محمد بن الأبار 204
84 محمد الشويكي 205
85 محمد شرارة 206
86 محمد حسين الشهرستاني 210
87 محمد صادق نشأت - محمد رضا شرف الدين 211
88 محمد آل شبانة - محمد صدوقي 212
89 محمد الأردوبادي - محمد علي بري - محمد الشيباني 213
90 محمد علي خاتون - محمد الصاحبي - محمد الجزائري - محمد المدرسي 218
91 محمد المعصومي - محمد بن طباطبا - محمد جواد - محمد ناصر 219
92 محمد علي اليعقوبي 221
93 محمد بن عمر الكشي - محمد قسام - محمد قطب شاه 222
94 محمد قلي قطب شاه - دول الهند الشيعية - محمد كال شعيب 223
95 محمد المقدادي القمي 225
96 محمد بن المبارك الكرخي - محمد نصير الدين الطوسي 228
97 محمد بن مكي الشهيد الأول - محمد الجبي 237
98 محمد هاشم الأشكوري 240
99 محمد بن هاني الأندلسي 241
100 محمد يوسف مقلد 243
101 محمد بن المبارك الكرخي 244
102 محمد مهدي البصير 245
103 محمود بن الياس الشيرازي - محمود الحبوبي 246
104 محمود الحمصي 249
105 محمود الشاهرودي - محمود الطالقاني - محمود بن مسعود الشيرازي - محيي الدين شمس الدين 250
106 مرتضى مطهري - مزيد المزيدي - مصطفى جواد 252
107 معاذ بن مسلم الهراء - المقداد السيوري - مهيار الديلمي 253
108 موسى الزين شرارة 268
109 موسى سيار الشيرازي - مير أمين - مير حسن - مير آبادي 270
110 ناسخ - ناصر الدين الشيخ راشد - نصر الخبز أرزي 271
111 نصير الدين ناصر العلوكي 272
112 ناصيف النصار 274
113 نصر بن علي الحلي - نصير الدين المنازي - نظير - نواب صفوي 280
114 النوار ابنة مالك - هادي النحوي - هادي كمال الدين - هاشم معروف الحسني 283
115 هبة الله بن علي - ابن الشجري 284
116 ورام الحلي - يحيى القرشي - يزدن التركي 285
117 يزيد بن قيس - يزيد بن زياد الكندي - يزيد بن مفرغ 286
118 يحيى بن البطريق 289
119 يعقوب بن داود 290
120 يوسف بن المطهر - يوسف رجيب - يونس الأردبيلي - الأمويون والإسلام والعروبة 291
121 الشيعة يحمون العالم الإسلامي 296
122 الحجاج بن يوسف 299
123 كلمة الختام 301