مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ١ - الصفحة ١١٦
النجف الأشرف انسجاما مع نهجه وسلوك من سبقه من أسرته، فإن والده المرحوم السيد حسن إبراهيم أسس مدرسة دينية في قرية أنصار حفلت بالطلاب وبعد وفاة والده تعهد هو بشؤونها، وتملك الأسرة بيتا في النجف يسكنه طالب العلم من أبنائها.
ذهبت وأنا لا أتجاوز السنة الرابعة عشرة مع والدتي قاصدا النجف.
ثم أذكر أنني وصلت البلد المقصود فارتديت بزتي الجديدة ودخلت في غمار الطلاب، ولم أنتسب لمدرسة ذات منهاج محدد وبرنامج خاص. ابتدأ أستاذي يشرح لي كتاب (ابن هشام) في النحو وأنا أتلقف كلماته بشغف ونهم وانتباه، وانتهى به المطاف وهو يفسر (الكلمة قول مفرد) ويفرق بين الجنس والفصل لهذه الجملة (واستعمال الأجناس البعيدة في الحدود معيب عند أهل النظر).
فعسر على ذهني فهمها وصعب علي حلها، وعز على أستاذي ذلك فطاف بموضوعات وعلوم متنوعة ليستعين بها على توضيح المعنى فلم يفتح الله عليه، ثم رضت نفسي فألفت هذه التعابير وأقبلت عليها استسهل صعابها وأحل رموزها، فقد علمت أنني نقطة صغيرة في الخضم الواسع ليس لي أن أشكو غموض الأداء وقصور التعبير، وإقحام علم في علم والاستطراد من موضوع لموضوع فأساليب التدريس لا يغيرها اقتراحي ولا تعدلها شكواي.
ولم تزل تحتل في فكري وقلبي - وإن بعد المدى - المكان الأول صورة ليالي شهر رمضان وأسحارها وروعتها، تمر أمام ذهني هذه الصور الفاتنة من الماضي فأود لو تعود، ويتملكني الحنين للنجف ومن فيه فأهتف بها وبساكنيها قائلا:
أرض الغري وكل ما منح الحجى * للناس من فضل فمنك المبتدى ولكل فكر أنت كعبة مأمل * الركب سار وفيه حاديه حدا وبكل نفح من عواطف شاعر * طيب من النجف امترى وتزودا همنا بذكرك فالسواجع لم تثر * لولاك لحنا والمغرد ما شدا بقي الحنين العاملي على المدى * شعرا ونثرا للوصي مخلدا و لسادة حلوا بجيرة حيدر * باتوا لآمال البرية مقصدا لي أوبة لحمي علي أنتشي * من قدسه وأرى بتربته الهدى وأجدد العهد القديم وانثني * ومعي البراءة فهو أصل للندى قرأت بعد رجوعي من النجف على المرحوم الوالد بقية الكتب المعروفة في المنطق والبيان، والأصول والفقه، ثم عينت معلما للدروس الدينية في مدرسة النبطية الرسمية فابتدأت مع الشعر والأدب مرحلة جديدة في حياتي، ذلك أن النبطية كانت مسرحا فكريا وأدبيا واسعا، ويكفي للدلالة على ذلك وجود الشيخ عبد الحسين صادق والشيخ أحمد رضا والشيخ سليمان ظاهر وغيرهم فيها.
وكانت مجلة العرفان لصاحبها الشيخ أحمد عارف الزين، في أوجها فوجدت في نفسي ميلا آسرا لنشر ما عندي، وكانت البداية في مجلة العرفان (أدباء جبل عامل بقلم رسام).
ومن المواضيع التي عالجتها فيها، شعراء من جبل عامل، ومن صور الحياة، ورسوم.
ولولا ذلك العلم الفرد الذي ظل ثمانين عاما أمام دواته وقلمه، يفكر ويستهدف، يعبد ربه ويجلس إليه في الأسحار والناس نيام فيرتل ويحن ويتشوق ثم ينصرف من ساعة النجوى مع خالقه لأرفع ما خلق وأسماه، فيقف أمام باب المعرفة خاشعا ينفض الأتربة المتراكمة على الهيكل، أجل لولا صاحب أعيان الشيعة) السيد محسن الأمين، ما عرفنا شيئا عن شعراء وأدباء جبل عامل.
تحدثت عنهم طويلا بالإذاعة اللبنانية، فموضوع أدباء من وطني كان يذاع كل أسبوع، وكانت لنا في أيامنا الزاهرة طرائف جميلة منشورة في العرفان فمنها هذه القصيدة:
من للجمال إذا انصرفت عن الهوى * وأرقت راحك يا هوى الندمان وجعلت همك يا طويل العمر في * دفن الجنائز من بني شيبان وجلست بين عجائز لا ترتجى * الا حلول النصف من شعبان وحملت سبحة زاهد متبتل * ما انفك يهدي الجهل للإنسان من للحياة يكف من بأسائها * ويثيرها حربا على الحرمان ويقول للزعماء آن حسابكم * فالذئب جار على قطيع الضان من للشتيت من الرجال تنافسوا * بالجهل واتفقوا على الخذلان وتمسكوا بالزور حتى خلتهم * أصلا لكل موارد البهتان يا صاحب القلم المشع ألا اتئد * للشعب أنت ولست للأعيان للحب أنت وللجمال فلا تقف * في الصف بين البوم والغربان ما أشرف الحرمان يلهم شاعرا * فتفيض منه جوانب البركان ويناضل الأحداث في غلوائها * إن النضال طبيعة الفنان قل لي بربك أين أنت فحولنا * ليل ونحن على الضلال حواني وعينت سنة 1943 بالمحكمة الجعفرية العليا بوظيفة لم تحقق أملي، فذهبت للوزير الذي عينني، وظن أني جئته مادحا شاكرا، فسر أول الأمر، ثم وقفت وخاطبته بقولي:
ما كنت أحسب أن سيغريني الهوى * فأجد في طلب الأماني الشرد وأبيت بين الطامعين فريسة * للوهم لم تقبض على أمل يدي ومن البلية أن أساس بمنطق * يوحيه للزعماء خلقهم الردي إنا شهدنا للوظائف حلبة * يجري بها فيفوز كل مبلد أما الكفاءة فهي ظل زائل * وردت بعهدكم أخس المورد وكان لي مع قضاة المحاكم الجعفرية مواقف شعرية طريفة في السنين التي قضيتها بينهم، والتي ندبت فيها سوء حظي بقولي:
ما بين ارث قسمت أبوابه * أحيا وإرث مهمل لم يحصر وقلت من قصيدة (بين بعلبك وجبل عامل) مخاطبا الشيوخ البعلبكيين:
يا بعلبك أتيت من جبل سما * وله يعود النقض والإبرام من عامل وطن المعارف والحجى * يكفيه ذا فخرا فليس يضام كم رف فوق جباله علم وكم * جالت بمتن خيوله أعلام وطن الجحاجح كم لهم من آية * غراء فيها عزز الإسلام هم خلدوا الآداب في نفحاتهم * فزهت ونالت مجدها الأقلام والشعر عندهم الحبيب المجتبى * صلوا له بعد الاله وصاموا والعلم هم رواده وحماته تروى وتؤخذ عنهم الأحكام وهم الذين تبوأوا دست العلى عشقوا الكمال وبالحقيقة هاموا نثروا المعارف واستجابوا للهدى * تحني لمجد السابقين الهام وعند ما أثرنا معركة شعرية بين الشيوخ والشعراء وقف أحدهم بجانب
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة - آتش حيدر علي فيضي - آصف الدولة - إبراهيم شرارة 5
2 إبراهيم العلوي بن حسين - إبراهيم مجتهد - أبو الحسن شمس آبادي - أبو الفضل الطهراني - أحمد القزويني بن السيد حميد 10
3 أحمد آل كاشف الغطاء - السيد أحمد الخونساري - أبو العلاء المعري 12
4 أحمد بن منير الطرابلسي 15
5 إسماعيل الصفوي 18
6 أفضل الدين الكاشاني 19
7 أسامة بن منقذ - انشاء الله خان - أنيس 21
8 باقر كاشف الغطاء - باقر أمين الورد - باقر سماكة بن الشيخ محمد - باقر عبد الغني - بدران المزيدي 22
9 البرسيين - بزرك أبو الحسن علوي 23
10 تقي الشيخ راضي - توفيق الفكيكي - جابر الشكري بن عزيز - جرأت - جعفر الخليلي 24
11 جعفر همدر 25
12 جواد علوش - جون 28
13 حبيب بن محمد - حسن علي نجابت - حسين الخادمي - ابن سينا 30
14 حسين القزويني 35
15 حسين معتوق - أبو نواس الحسن بن هاني 36
16 حسن البحراني 40
17 الحسين بن نما الحلي 41
18 حيدر الآملي 42
19 حيدري - خضر المهراني - خضر الطائي - الخطاطون في العهد الصفوي 43
20 الخليل الفراهيدي 46
21 خليل مغنية 47
22 خليل ياسين 48
23 دبير - دبيس المزيدي - دعبل الخزاعي 50
24 رجل من بني ليث - ذو فقار الدولة - راضي آل ياسين 51
25 رضي ذو النوري - راغب حرب - رحيم آرباب - زاير البرسي - سبط الحسن الجايسي - سعد صالح 52
26 سعيد نفيسي - سكينة بگم - سليم حيدر 53
27 سليمان عبد الجبار - سودا - شاكر هادي شكر - شهدة - صادق شفق 56
28 صادق الفحام - صالح الشهرستاني - صدر الدين الصدر 58
29 صدر الدين شرف الدين - صدر الدين الدهلوي - صفي 59
30 الضحاك المشرفي - ضياء الدين الخالصي - ضياء الدين العراقي 60
31 طاهر بن يحيى - طه باقر - الطفيل - طلائع بن رزيك 61
32 ظالم بن عمرو أبو الأسود الدؤلي 62
33 ظالم بن شراق - عابس الشاكري - العباسيون 64
34 عارف الحر 79
35 عباس اقبال 80
36 عباس أبو الحسن 81
37 عباس القمي - عباس الشيرازي - عباس القرشي 82
38 عباس الهمداني 83
39 عبد الحسين دست غيب - عبد الحسين الأميني - عبد الحسين الحلي 84
40 عبد الحسين نور الدين 85
41 عبد الرؤوف الأمين 86
42 عبد الرضا صادق 89
43 عبد الرضا المطبعي - عبد العزيز بن البراج 91
44 عبد الصاحب الحكيم - عبد الكريم الخليل 97
45 عبد الكريم بن طاووس - عبد الكريم الهاشمي - عبد الله الجزائري 100
46 عبد الله التستري - عبد الله الشيرازي - عبد الله الكلبي - عبد الله الطائي 101
47 عبد الله وعبد الرحمن الغفاريان - عبد الله أحمديه 102
48 عبد الله الشيرازي - عبد الله الصائغ 103
49 عبد الله بن سلمة - عبيد الله الكوفي - عبد المطلب الحلي 106
50 عبد المطلب الأمين 107
51 عبد المهدي مطر 112
52 عبد الله الجعفي - علي إبراهيم 115
53 علي رضا عباسي 117
54 علي أكبر دهخدا 119
55 علي أكبر نواب - علي الأنصاري الشيرازي - سيف الدولة علي بن حمدان 121
56 علي بن عبد الله بن العباس - علي البحراني - علي النوري 124
57 علي آل شبانة - علي البهبهاني - علي الشيرازي 125
58 علي بن الحسن شميم الحلي 126
59 علي بن حمدون - علي المراغي - علي الهمذاني 127
60 علي الميبدي - علي الخياباني - علي الأبزري - علي نياز - عطية الكوفي - عمرو الأنصاري - عمر الصيداوي - غالب 128
61 غلام رضا سرخي - فاضل الجمالي 129
62 فؤاد عباس 148
63 فتى من أهل الكوفة - الفضل بن جعفر - الفضل بن الزبير الكوفي 149
64 القاسم بن معية - القاسم بن مظاهر - قيس النابغة الجعدي 154
65 قيس النجاشي - كليب الجرمي - الكميت 155
66 لطف الله العاملي 160
67 لطف الله البحراني - ماجد الصادقي - عضد الدين المبارك الأسدي 162
68 مجيد العطار 163
69 محمد بن أبي بكر الهمذاني - محسن جمال الدين - محسن الموسوي - محمد أبو نصر الفارابي 164
70 محمد أبو النديم 174
71 محمد بن إدريس الحلي 178
72 محمد باقر - محمد حسين الكازروني - محمد الحسيني - محمد المتخلص - محمد الشيرازي - محمد معصوم - محمد الكازروني الطبيب - محمد الدهدار الشيرازي - محمد نصير الدين 179
73 محمد مهدي حجاب الشيرازي - محمد بن يوسف الشيرازي - محمد بن الحسين الشيخ البهائي 180
74 محمد الغفاري كمال الملك 181
75 محمد باقر الدهلوي - محمد صادق بحر العلوم - محمد بهشتي 183
76 محمد تقي بهار 184
77 محمد الحجة - محمد جمال الهاشمي 185
78 محمد حرز الدين - محمد الخليلي 186
79 محمد حسن الحكيم 187
80 محمد أبو جعفر الطوسي 188
81 محمد تقي الآملي 199
82 محمد جواد باهنر - محمد حسين آزاد - محمد الطباطبائي - محمد رضا الشبيبي 200
83 محمد رضا القمي - محمد شريف خان - محمد مفتح - محمد بن الأبار 204
84 محمد الشويكي 205
85 محمد شرارة 206
86 محمد حسين الشهرستاني 210
87 محمد صادق نشأت - محمد رضا شرف الدين 211
88 محمد آل شبانة - محمد صدوقي 212
89 محمد الأردوبادي - محمد علي بري - محمد الشيباني 213
90 محمد علي خاتون - محمد الصاحبي - محمد الجزائري - محمد المدرسي 218
91 محمد المعصومي - محمد بن طباطبا - محمد جواد - محمد ناصر 219
92 محمد علي اليعقوبي 221
93 محمد بن عمر الكشي - محمد قسام - محمد قطب شاه 222
94 محمد قلي قطب شاه - دول الهند الشيعية - محمد كال شعيب 223
95 محمد المقدادي القمي 225
96 محمد بن المبارك الكرخي - محمد نصير الدين الطوسي 228
97 محمد بن مكي الشهيد الأول - محمد الجبي 237
98 محمد هاشم الأشكوري 240
99 محمد بن هاني الأندلسي 241
100 محمد يوسف مقلد 243
101 محمد بن المبارك الكرخي 244
102 محمد مهدي البصير 245
103 محمود بن الياس الشيرازي - محمود الحبوبي 246
104 محمود الحمصي 249
105 محمود الشاهرودي - محمود الطالقاني - محمود بن مسعود الشيرازي - محيي الدين شمس الدين 250
106 مرتضى مطهري - مزيد المزيدي - مصطفى جواد 252
107 معاذ بن مسلم الهراء - المقداد السيوري - مهيار الديلمي 253
108 موسى الزين شرارة 268
109 موسى سيار الشيرازي - مير أمين - مير حسن - مير آبادي 270
110 ناسخ - ناصر الدين الشيخ راشد - نصر الخبز أرزي 271
111 نصير الدين ناصر العلوكي 272
112 ناصيف النصار 274
113 نصر بن علي الحلي - نصير الدين المنازي - نظير - نواب صفوي 280
114 النوار ابنة مالك - هادي النحوي - هادي كمال الدين - هاشم معروف الحسني 283
115 هبة الله بن علي - ابن الشجري 284
116 ورام الحلي - يحيى القرشي - يزدن التركي 285
117 يزيد بن قيس - يزيد بن زياد الكندي - يزيد بن مفرغ 286
118 يحيى بن البطريق 289
119 يعقوب بن داود 290
120 يوسف بن المطهر - يوسف رجيب - يونس الأردبيلي - الأمويون والإسلام والعروبة 291
121 الشيعة يحمون العالم الإسلامي 296
122 الحجاج بن يوسف 299
123 كلمة الختام 301