هذا الفصل على المتيقن، وعلى محل الضرورة المفقودة في وقت الفضيلي، إذ الفرض التخيير، وفيه مع أن إرادة وقت الاجزاء من الصحيح المزبور لا يقتضي إرادته من غيره، بل أقصاه اقتضاء إطلاق المفهوم عدم وجوب القطع وهو مسلم، ولو أريد عدم الجواز منه كان مقيدا بغيره، وهو ليس بأولى من حمل الوقت فيه على وقت الفضيلي بقرينة الخبرين المزبورين الظاهرين في إرادة الفضيلي كما عرفت، خصوصا بعد اعتضادهما بظاهر خبر الدعائم، ولا استبعاد في المحافظة على فضيلة الوقت الذي هو رضوان الله، وللمؤمن خير من ماله وولده، خصوصا بعد أن لم يكن إبطالا للعمل، بل هو جمع بين حق العملين، على أن عمدة ما في هذه النصوص من المخالفة هو عدم قدح مثل هذا الفصل والفرض التزامه في حال الضيق، فمع التزامه لا داعي إلى مخالفة ظاهرها من ثبوت ذلك للفضيلي، كما أنه لا داعي إلى مخالفة ظاهرها من جواز تلبسه بالفعل إلى حصول ما كان يخاف أولا من فعله فوات الوقت، فيقطع حينئذ، إذ الفرض خوفه الفوات بالاتمام لا التلبس كما هو واضح، بل من تأمل حق التأمل علم أن النصوص هنا لوحت بجواب أسئلتها إلى أنه لا ينبغي الخوف على الفريضة بفعل صلاة الكسوف، لعدم تعين الاتصال عليه بالتلبس، بل له الفصل بالفريضة إذا خشي الفوات، فحينئذ يتلبس إلى أن يصل إلى ما يخاف من فعله الفوات فيقطع، فلا يكون قد أخل بالمبادرة إلى صلاة الكسوف الذي لم يعلم غالبا مقدار مكثه، ولا فاتته فضيلة الوقت، بل جمع بين الأمرين.
نعم لو لم يخش فوات الفضيلة كما لو شرع بعدها أو كان وقتها متسعا لم يكن له الفصل المزبور، لظهور النصوص بل صراحتها في الشرط المزبور، ودعوى أن الاجماع المركب على خلاف ذلك كله يدفعها التتبع لكلام الأصحاب، فإنه به يعلم أن لا إجماع لهم مستقر، لأن من ظاهره البدأة باليومية بين قائل بالقطع بدخول الوقت لو كان متلبسا