ذلك حتى تردد فيه بعض بل قيل بوجوب الاستئناف من رأس في ضيق وقت الاجزاء فضلا عن محل الفرض اجتهاد في مقابلة النص، أو خطأ واضح في فهم المراد من القطع فيه، خصوصا في مثل صحيح محمد بن مسلم ويريد المصرح فيه بالاحتساب بما مضى، وخصوصا بعد الاعتضاد بفهم الأكثر بل المعظم كما في البيان، بل المشهور نقلا وتحصيلا بل عن المنتهى نسبته إلى علمائنا، وعن السرائر أنه يلوح منها الاجماع، بل لا خلاف أجده فيه قبل الشهيد في الذكرى إلا ما يحكى عن المبسوط نعم يحكى عن الغرية والروض والشافية ذلك أيضا، قال في الذكرى: لأن البناء بعد تخلل صلاة واجبة لم يعهد من الشارع تجويزه في غير هذا الموضع، والاعتذار بأن الفعل الكثير يغتفر هنا لعدم منافاته الصلاة بعيد، فإنا لم نبطلها بالفعل الكثير بل بحكم الشرع بالابطال والشروع في الحاضرة فإن فرغ منها فقد أتى بما يخل بنظم الكسوف، فيجب إعادتها من رأس تحصيلا ليقين البراءة، وهو منه عجيب، ضرورة أن الشرع حكم بالصحة في النصوص السابقة لا البطلان، لكن ينبغي الاقتصار على الفصل بالصلاة خاصة، لعدم ثبوت اغتفار غيره.
وكيف كان فقد بان لك من ذلك كله أنه لا محيص عن إرادة الفصل بالصلاة ثم البناء من القطع المزبور، إلا أن المعروف بين القائلين بالتخيير على الظاهر اختصاص ذلك بمن تلبس فبان له ضيق وقت الاجزاء لا وقت الفضيلي، ولا من علم الفوات قبل التلبس فيبقى الأول على فعله، لأن الفرض تخييره، ولا يجوز للثاني أن يشرع، وكأنهم حملوا الخبرين المزبورين بقرينة قوله (عليه السلام) فيهما: " اقطع " على المتلبس وعلى أن المراد وقت الاجزاء بقرينة صحيح محمد بن مسلم ويريد الذي أطلق فيه خوف فوات الوقت من غير إشعار بالفضيلي فيه، فيظهر منه حينئذ وقت الاجزاء، إذ هو الذي يخاف خروج الوقت بفواته، ويكون المراد منه حينئذ إن تخوفت فابدأ بالفريضة إن لم تكن متلبسا، وإلا فاقطع، مضافا إلى موافقة ذلك الاقتصار فيما خالف بطلان الصلاة بمثل