ذلك بعنوان الاستحباب الصلاتي، وهو لا ريب في حرمته، لأنه تشريع، فحملها على الكراهة حينئذ خلاف الظاهر، لأنا نقول: المسلم انصراف النصوص وانسياقها إلى ما في يد العامة من الفعل نفسه من دون نظر إلى الاعتقاد فيه الذي هو خارج عن حقيقة الفعل، فلا يتقيد المنهي عنه حينئذ من التكفير بذلك، ولا ينافي إرادة الكراهة حينئذ من النهي المزبور المسوق لبيان حكم الفعل نفسه لا من حيث العوارض له من التشريعية ونحوها، كما واضح بأدنى تأمل.
نعم قد يشكل البطلان حينئذ مع قصد التشريع به بناء على عدم بطلان الصلاة به وأنه محرم خارجي، ولا يمكن دفعه باختصاصه هنا بالنهي عنه الظاهر في الفساد وإن كان المنهي عنه محرما قبل الصلاة، لما سمعته من فرض إرادة الكراهة من النواهي المزبورة وأنها مسوقة لبيان حكم نفس الفعل لا من حيث التشريع به، اللهم إلا أن يدعى ذلك في بعضها دون بعض، فينصرف النهي في صحيح ابن مسلم إلى التكفير المراد به التشريع، بخلافه في حسن زرارة ومرسل حريز، لكنه كما ترى بعيد وتحكم بلا حاكم، فالأولى حينئذ الاقتصار على الحرمة دون الابطال، أو القول بهما معا للاجماع المحكي في الخلاف والدروس وعن موضع من المقاصد العلية، بل لعله المراد من نفي الجواز فتخرج حينئذ الاجماعات المحكية في الغنية والانتصار والأمالي على ما حكي عن الأخيرين شاهدا أيضا، أو يقال بالمنع من عدم إبطال التشريع في الصلاة بعد استفاضة النصوص أنه لا عمل فيها الذي قد عرفت ظهوره في إرادة ذلك، مؤيدا بما دل على الأمر بالإعادة مع الزيادة في الصلاة والنقصان وغير ذلك مما قدمناه في الأبحاث السابقة، ولعل من نفى البطلان بالتشريع إنما أراد بالنظر إلى نفس حرمته مع قطع النظر عن هذه النواهي الظاهرة في ذلك، إذ احتمال كونها مؤكدة لحرمته لا يراد منها البطلان في غاية الضعف والعرف أعدل شاهد في رده، ومن الغريب ما وقع لسيد المدارك تبعا لأستاذه من القول