أن انتقال زرارة من المبالغة في الحث إلى إرادة الغدو عليه ظاهر في معروفية اعتبار الإمام فيها قبل أن يقول (عليه السلام) له: " إنما أردت عندكم " فحينئذ دلالة الصحيح المزبور على المطلوب واضحة حتى لو كان المراد منه وإن كان بعيدا الحث على حضور جماعة المخالفين بقرينة أن من عادته (عليه السلام) الحث على أمثال ذلك لا الحث على ما لا ينافي التقية خصوصا في مثل الجمعة التي هي من مناصب السلطان، إلا أن زرارة وغيره من الشيعة ربما كانوا يتجنبونها معهم لأنها ليست صلاة في الحقيقة فظن من حثه على صلاة الجمعة إرادة فعلها معه، فأجابه الإمام (عليه السلام) بأنه " إنما أردت عندكم " وموثق ابن بكير (1) قال: " حدثني زرارة عن عبد الملك عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال له : مثلك يهلك ولم يصل فريضة فرضها الله تعالى، قال: فقلت: كيف أصنع؟ قال: صلوا جماعة يعني صلاة الجمعة " إذ هو واضح الدلالة على استمرار تركها سواء كان ذلك منه تشكيا له وتأسفا حيث أنه لم يتمكن من صلاتها لعدم تمكن إمامه (عليه السلام) ولذا قال له (عليه السلام): " كيف أصنع؟ " متحيرا مما علم أنه لا تفعل بدونه (عليه السلام) ومما صدر منه من هذا الكلام، فأذن له لذلك في صلاتها جماعة منهم ولو مرة، ولما لم يعنه إماما علم إرادة الرخصة مطلقا، أو يكون المراد كما هو الظاهر توبيخا له على عدم فعلها، فقال له (عليه السلام) السائل: " كيف أصنع؟ " مبدئا عذره بأنه ما أدري كيف أصنع لاشتراطها بالسلطان، والوقت تقية فأجابه (عليه السلام) بالأمر بصلاتها جماعة معهم، فيكون إذنا منه بذلك، ولذا اكتفى به في رفع حيرته، أو يكون المراد بفعلها في جماعة العامة على نحو ما سمعته من صحيح زرارة (2).
وعلى كل حال فدلالته على المطلوب واضحة، بل قد ينقدح منهما على الأخير أنه مما يلزم القائل بالعينية وجوب حضورها مع العامة، لأن الفرض المعين إذا لم يمكن