أو ضرورة. لا أن الوقت قد انقضى، وهذا توقيت آخر لهذا الصنف من المكلفين، وإلا لوجب على الشارع تفسير العذر والضرورة التي يسوغ تأخير الصلاة لأجلها، وتحديد الوقت وضبطه، ولشاع ذلك وذاع، لتكرر الصلاة وعظم أمرها ووجود الداعي لمعرفة مواقيتها، لا أنه يكتفي في ذلك بمثل هذه العبارات المجملة التي لا يكتفي فيها بالنسبة إلى الأقل من الصلاة فضلا عنها، بل المستفاد من الأخبار الاكتفاء بأدنى عذر في التأخير، فعند التأمل الصادق ذلك هو الدليل على المطلوب، لأن مطلق الواجب فضلا عن الصلاة لا يسوغ تفويته إلا لضرورة، بل ظني أن المخالف مراده ذلك أيضا، وإن عبر بما يقرب من مضامين النصوص لقدمه ومعروفية التعبير في تلك الأوقات بمثل ذلك.
ويؤيده ما في التهذيب قال: (إذا كان أول الوقت أفضل ولم يكن هناك منع ولا عذر فإنه يجب فعلها فيه، ومن لم يفعلها فيه استحق اللوم والتعنيف، وهو مرادنا بالوجوب، ولم نرد به هاهنا ما يستحق بتركه العقاب، لأن الوجوب على ضروب عندنا منها ما يستحق تاركه العقاب، ومنها ما يكون الأولى فعله ولا يستحق بالاخلال به العقاب وإن كان يستحق به ضرب من اللوم والعتب) وقال في المبسوط في آخر الفصل:
(إن الوقت الأول أفضل من الوسط والآخر غير أنه لا يستحق عقابا ولا ذما وإن كان تاركا فضلا إذا كان لغير عذر) ومن العجيب بعد ذلك نسبة هذا القول إلى الشيخ في جميع كتبه، وقال فيما حكي من نهايته: (لا يجوز لمن ليس له عذر أن يؤخر الصلاة من أول وقتها إلى آخره مع الاختيار، فإن أخرها كان مهملا لفضيلة عظيمة وإن لم يستحق العقاب، لأن الله تعالى قد عفا له عن ذلك) قيل: ونحوه عن القاضي في شرح الجمل، وقال فيما حكي عن عمل يوم وليلة أيضا: (لا ينبغي أن يصلي آخر الوقت إلا عند الضرورة، لأن الوقت الأول أفضل) وهي كما ترى صريحة فيما ذكرنا، ولعل