لولا الانجبار بالشهرة ونحوها في دلالة سائر التيممات البيانية على اتحاد الضربة، سيما بعد إجمال مراد السائل عن التيمم الذي قد وقع الجواب في بيانه، أو ظهور كون المراد ما يشترك به الوضوء والغسل من ماهية التيمم، واحتمال عدم تعلق غرض الراوي بغير ما ذكره، وإن بين له غيره، إلى غير ذلك.
ومنه ينقدح أن المتجه على حسب ما يقتضيه تعارض الأدلة من إرجاع الضعيف إلى القوي التصرف فيما دل على المرة لا التكرار، لقوة دلالة الثانية من وجوه بالنسبة للأولى، فحمل الخصم لها على الندب وإبقاء تلك على إطلاقها في غير محله، على أن ذلك غير ملائم للسؤال فيها عن كيفية التيمم، بل لم يعرف القول بالاستحباب لأحد من الأصحاب سوى ما حكي عن المرتضى، واستحسنه بعض من تأخر عنه، فلعل القول به خرق للاجماع المركب، كالحمل على التخيير إن لم يكن بين الأقل والأكثر بل بين الواجب وتركه، وأما حملها على التقية فإنه وإن استجوده المجلسي في بحاره، وتبعه بعض من تأخر عنه لمشهورية القول بالتكرار فيما بينهم، لكن - مع أنه يأباه ما في بعضها من ذكر النفض المنكر عندهم، كآخر الكفين، والمعروف عندهم الذراعان، وإن نقل عن ابن حنبل القول بالكفين، وهو معاصر الرضا (عليه السلام) إلا أنه يرى الضربة الواحدة لا الضربتين - لا موجب له، بل ربما يقال بعدم جوازه، لما عرفت من مشهورية القول بالمرة عندهم أيضا حتى نقلوه عن علي (عليه السلام) وعمار وابن عباس وغيرهم، فلا تقية فيه منهم، نعم لم ينقل عن أحد منهم القول بالتفصيل، فلا بأس بالتقية من جهته، ولعله لذا لم يكثر التصريح في الأخبار به.
فاتضح لك بحمد الله ضعف القول بالمرة مطلقا جدا، بل لعل إطلاق القول بالمرتين أقوى منه من جهة الأدلة وأن كان نادرا بالنظر للقائلين، ومن هنا كان التفصيل هو الأظهر، لكن الاحتياط في التعدد فيما هو بدل الوضوء لأجله لا ينبغي تركه،