إلا أن يقال: إن هؤلاء الستة وإن كان يظهر بادئ الرأي وقوع الخلاف فيهم، لكن بعد التأمل يظهر أنه لا خلاف فيهم أيضا، بل بعضهم ادعى وقوع الإجماع في بعض هؤلاء، وبعضهم في بعض آخر منهم، وليس كل واحد منهم ينفي ما ادعاه الآخر، بل غايته عدم العلم به، فإن الظاهر من نقل الكشي قول غيره وعدم تمريض القول وإبطاله أنه لا يعتقد بطلانه، بل إن قوله غير ثابت عنده، وظاهر أن عدم الثبوت عند بعض لا يقدح في ادعاء الآخر؛ لجواز ثبوت الإجماع عند بعض وعدم ثبوته عند آخر.
مع أن الكشي حكى في ترجمة فضالة عن بعض الأصحاب دعوى الإجماع في حقه (1)، وحكايته هذه خالية عن الدلالة على التمريض بالكلية، ولا دلالة فيها عليه بلا مرية.
هذا في الأربعة المنقول في حقهم الإجماع في كلام الأبعاض الثلاثة على ما نقله الكشي.
وأما الاثنان المنقول في حقهما الإجماع من الكشي، فالإجماع المنقول في حقهما من الكشي خال عن المعارض بالكلية؛ إذ لا مجال لاحتمال التمريض؛ حيث إن من قال المرادي مكان الأسدي لم يذكر الأسدي، فيحكي المرادي حتى يتأتى احتمال التمريض، بل قد اقتصر في الذكر على ذكر المرادي.
إلا أن يقال: إنه يمكن أن يكون الإجماع المنقول في كلام الكشي قد نقله بعض آخر ممن سبق على الكشي أيضا، فنقل الإجماع على الأسدي ثم جاء بعض آخر وذكر المرادي، وقال: وقيل: الأسدي مكان المرادي.
إلا أن يقال: إنه بعيد، والظاهر أن البعض الذي نقل عنه الكشي نقل الإجماع قد اقتصر على ذكر من ذكره، فيكون الاثنان والعشرون قد نقل في حقهم الإجماع، ولا راد له؛ فيجب قبوله.