الضرر.
وبعبارة أخرى: انه من الواضح ان نفي الضرر انما هو بملاك واقعي في اعدام الضرر وعدم تحققه، فلا يشمل موردا يستلزم من شموله ترتب الضرر.
نعم مع كون الضرر الواقع على الشخص أكثر من ضرر الغير لم يمنع ضرر الغير من تطبيق القاعدة بلحاظ ضرر الشخص، فيثبت الجواز في خصوص هذه الصورة.
ولكن نقول: إن المفروض أن ضرر الغير المترتب على رفع الحرمة متدارك بالضمان، والتدارك يرفع صدق الضرر - كما تقدم -، ولو لم يرفع صدقه، فمثل هذا الضرر المتدارك لا يمنع من شمول الحديث مع استلزامه له، إذ لا ينافي ملاك رفع الضرر من امتنان أو غيره.
ثم لا يخفى عليك انه لا مجال لرفع الضمان الثابت بالاتلاف بحديث: " لا ضرر " لما أشرنا إليه غير مرة من أن الحديث لا يشمل الحكم الوارد في مورد الضرر كالضمان. إذن فالضمان ثابت على كل حال.
وقد يقال: إن الحكم بالضمان وان ورد مورد الضرر، لكن يمكن تحكيم القاعدة فيه، لا بلحاظ ضرر نفس الضمان، بل بلحاظ ضرر آخر غير مترتب عليه دائما.
توضيح ذلك: ان الملحوظ - نوعا - في تشريع الحكم بالضمان وجعله هو ردع المكلفين عن اتلاف مال الغير، إذ بعد التفات العاقل إلى ورود الخسارة عليه عند اتلاف مال غيره لا يقدم على اتلافه، ونظير هذا الحكم تشريع الحدود والقصاص، فان الداعي فيه نوعا منع المكلفين من ايجاد موضوعاتها.
ومثل هذا أثر من آثار الحكم، نظير الارتداع المترتب على المنع التكليفي، فلو ترتب على الارتداع ضرر، صح اسناد ذلك الضرر إلى الحكم لأنه من آثاره بلحاظ كون الارتداع من آثار مثل هذا التشريع.