وذلك نظير ما إذا كان الدليل المحكوم في بعض الافراد نصا في دلالته، فإنه يقدم على الدليل الحاكم وان كان ناظرا إلى الدليل المحكوم. فان النصوصية بنظر العرف تقدم على جهة النظر، فمثلا لو كان: " أكرم كل عالم " نصا في زيد الفاسق العالم لأنه مورده - مثلا - ثم ورد ان العالم الفاسق ليس بعالم، فإنه لا يشمل زيدا، وإن كان ناظرا إلى دليل: " أكرم كل عالم "، والنظر إليه يوجب تقديمه عليه بحسب العرف، لكن لكونه نصا في ذلك الفرد، فالنصوصية تكون مقدمة على كون الحاكم ناظرا.
ونظير ذلك - وليس منه - ما نحن فيه، فان عموم دليل نفي الضرر لجميع الاحكام ليس بالتصريح، وانما هو من باب ان حذف المتعلق يفيد العموم، أو من باب عدم البيان في مورد البيان.
وأما عموم دليل نفي الحرج لجميع الاحكام فهو بالنص والتصريح.
لقوله تعالى: (ما جعل عليكم في الدين من حرج)، والدين اسم لمجموع الاحكام والقواعد المجعولة. فيكون نظره إلى موارد الضرر بالنصوصية.
وأما نظر دليل نفي الضر إلى موارد الحرج فهو بالاطلاق ونحوه. ولا يخفى ان عموم دليل الحرج أقوى فيكون مقدما، ويلتزم بعدم شمول دليل الضرر لموارد الحرجي، ونتيجة ذلك حكومة قاعدة: " لا حرج " على قاعدة: " لا ضرر ".
فما أفاده الشيخ (رحمه الله) من احتمال الحكومة ليس بعيدا عن الصواب.
وأما ما ذكره النائيني (قدس سره): من أن مورد تعارض ضرر المالك مع ضرر الجار ليس من موارد تعارض الحكمين الضرريين، بل ليس هنا إلا حكم واحد ضرري ورفعه وان استلزم الضرر لكن الضرر الناشئ من قبل تطبيق قاعدة نفي الضرر لا يمكن أن يكون مشمولا لدليل نفي الضرر للزوم الخلف.
فهو بظاهره وإن كان محل منع واضح، إذ يمكن حل الاشكال المزبور