الحديث للاحكام العدمية، لان المنفي أمر وجودي. فتدبر.
ثم إنه قد يوجه عدم شمول الحديث لمورد الحكم العدمي: بأنه قد تقدم ان الحديث لا نظر له إلى الاحكام الواردة مورد الضرر، كالضمان والحدود والديات. وبما أن الحكم العدمي في مورده ضرري، كعدم الضمان فإنه ضرري على الحر المفوت عمله. ولم يثبت باطلاق دليل كي تكون له حالتان، بل ثبت بالامضاء الثابت في كل مورد بخصوصه، فهو ثابت في مورد الضرر رأسا. وفيه:
أولا: انه ليس مطردا في جميع أمثلة الحكم العدمي. فمثل نفي حق الطلاق لغير الزوج ثابت مطلقا بمثل: " الطلاق بيد من اخذ بالساق ". أعم من مورد الضرر وعدمه، فيمكن أن يكون مشمولا لحديث نفي الضرر، بناء على أن المنفي أمر عدمي لا ثبوتي.
وثانيا: ان الحكم الذي لا يكون لحديث نفي الضرر نظر إليه هو الحكم الثابت بعنوان الضرر، كقتل النفس واعطاء الزكاة ونحوها.
أما الحكم الذي يثبت في مورد الضرر لا بعنوان الضرر، بل بعنوان آخر يلازم حصول الضرر، فهو خارج عن عموم حديث نفي الضرر بالتخصيص لا بالتخصص.
وعليه، ففي مورد توهم مثل ذلك الحكم يرجع إلى عموم حديث نفي الضرر، كما هو الحال في كل مورد يشك فيه في التخصيص. والحكم العدمي المتوهم على تقدير ثبوته من قبيل الثاني، إذ لم يثبت بعنوان الضرر، بل بعنوان مستلزم للضرر. فتدبر.
التنبيه الرابع: في كون المراد بالضرر هل الضرر الشخصي أو النوعي؟.
والمراد بالضرر النوعي إما ما يترتب بالنسبة إلى غالب المكلفين، أو ما يترتب على غالب أفراد الفعل. فتارة يراد به نوع المكلف. وأخرى يراد به نوع الفعل. وعلى كل فالمراد به ما يقابل الضرر الفعلي الوارد على كل شخص.