أما الصورة الأولى: فتارة: يكون القدر والثور متساويين في الثمن، ولنفرض ان قيمة كل منهما عشرة دنانير، وأخرى: يكونان مختلفين فيه، كما لو كان ثمن القدر عشرة وثمن الثور مائة.
أما إذا كانا متساويين، فنقول: ان لدينا حكمين أحدهما حرمة اتلاف صاحب القدر ثور الغير لتخليص قدره. والاخر حرمة اتلاف صاحب الثور قدر الغير لتخليص ثوره.
وبما أن كلا من الحكمين ضرري بالنسبة إلى المكلف، فهو مرتفعان، وترتب الضرر على الغير بواسطة رفع كل منهما، يندفع بثبوت الضمان على المتلف المخلص لماله، فلا يعارض الضرر الناشئ عن تحريم التصرف، فيرتفع بلا ضرر، ولا تعارض بين اجراء: " لا ضرر " في أحدهما واجرائه في الاخر، كما أن الضمان لا يمكن الالتزام برفعه بالبيان المتقدم في الفرض الثاني، لان في رفعه اضرارا بصاحب المال التالف. إذن فلكل منهما التصرف في مال الغير لاجل تخليص ماله مع ضمان مال الغير.
هذا، ولكن لا يخفى أنه مع الحكم بالضمان لا يقدم أحدهما على تخليص ماله - بحسب الموازين العقلائية -، لأنه يفكر أنه سيخسر ما يساوي قيمة ماله الذي يريد تخليصه، فأي داع عقلائي يدفعه إلى تخليص ماله؟ فيبقى كل منهما مكتوف اليد.
وفي مثل ذلك يقطع بان الشارع جعل طريقة لتخليص أحد المالين. وعدم بقائهما محجوزين عن الانتفاع. ولا طريقة إلا بأن يلتزم بتوزع الضرر عليهما بالسوية لقاعدة العدل والانصاف المستفادة والمتصيدة من بعض النصوص، فإذا خلص أحدهما ماله يدفع إلى الاخر نصف قيمة ماله وهو خمسة دنانير في الفرض، وأما من يقوم بذلك، فذلك قد يرجع في تعيينه إلى القرعة أو الحاكم الشرعي وقد يتولى الحاكم ذلك بنفسه حسبة.