وثانيا: ما لو غصب لوحا من شخص ونصبه في سفينته، فإنه يقال بجواز نزع مالك اللوح لوحه من السفينة وان تضرر مالكها بلغ ما بلغ ما لم يؤد إلى تلف نفس محترمة. فالاقدام في هذا الفرع يمنع من جريان: " لا ضرر " في حق الغاصب.
وثالثا: ما لو استأجر أرضا إلى مدة وبنى فيها بناء أو غرس فيها شجرا يبقى بعد انقضاء زمان الإجارة فإنه يقال: ان لمالك الأرض هدم البناء أو قلع الشجر وإن تضرر به المستأجر.
وقد ذكر (قدس سره) انه لا تنافي بين هذه الفروع وما تقدم، كما أن هنا فرقا بين الفرع الأول منها وبين الفرعين الأخيرين، وذلك فان المجنب نفسه أو شارب الدواء لم يكن مكلفا بالغسل والصوم حال الاجناب وشرب الدواء، بل التكليف بهما بعد الاجناب وشرب الدواء. ومن الواضح ان الغسل والصوم ضرريان، فيكون الضرر مستندا إلى الحكم الشرعي، والاقدام على الاجناب وشرب الدواء لا ينفي الاستناد المذكور، لان فعله بمنزلة المقدمة الاعدادية لثبوت الحكم الضرري، وفعله في ظرفه مباح لا ضرر فيه. وأما غاصب اللوح، فهو مأمور قبل النصب بالرد، ولم يكن الرد في حقه ضرريا قبل النصب لكنه بعصيانه ومخالفته التكليف بالرد أقدم على إتلاف ماله، فاقدامه وإرادته هي الجزء الأخير لعلة الضرر، وليست ارادته واقعة في طريق امتثال الحكم كي يستند الضرر إلى الحكم - كما هو الحال في الغسل والصوم -، بل هي واقعة في طريق عصيان الحكم ومخالفته، فالضرر يستند إلى إقدامه لا إلى الحكم الشرعي بوجوب الرد. ومثله الكلام في مسألة الغرس في الأرض المستأجرة، فإنه مع علمه بعدم استحقاقه للغرس بعد مضي مدة الإجارة، فبغرسه قد أقدم على الضرر، ولا يستند الضرر إلى الحكم الشرعي بل إلى إقدامه.
ثم إنه أضاف في مسألة غصب اللوح ونصبه في السفينة إلى ما ذكره في