المسبب، وهذا المعنى لا يتأتى في المورد، لان نفي الحكم فيه لا يستلزم نفي الضرر، بل المكلف يقع في الضرر على كل حال كان الحكم بالوضوء ثابتا أم لم يكن. إذن فلا يتكفل الحديث نفي الحكم في مثل هذه الصورة.
نعم، لو كان مفاد الحديث نفي الحكم عن الموضوع الضرري، فلا وجه للتقييد بالعلم بالضرر فيما نحن فيه، إذ الوضوء ضرري ويستند إليه الضرر بلا كلام، فينتفي حكمه بمقتضى حديث نفي الضرر. ولكن هذا المذهب غير صحيح كما تقدم.
هذا ما أفاده (قدس سره) في حل الاشكال. ومقتضاه اعتبار الامرين في عدم وجوب الوضوء، الضرر الواقعي والعلم به، ومن هنا قد يتوجه اشكال، وهو:
ان لازم ذلك أنه لو اعتقد الضرر ولم يكن ضرر في الواقع لم يسقط عنه وجوب الوضوء، فلو كان صلى عن تيمم لزمه إعادة الصلاة، لعدم انتقال فرضه إلى التيمم. مع أن المشهور عدم وجوب الإعادة، مما يكشف عن كون اعتقاد الضرر ذا موضوعية بنفسه.
وقد دفع (قدس سره) هذا الاشكال: بان ظاهر عدم الوجدان في الآية الكريمة: (فان لم تجدوا ماء فتيمموا...) (1) هو الأعم من الواقعي والعلمي، واعتقاد الضرر يدرج المكلف في من لم يجد الماء، إذ المراد من عدم الوجدان عدم التمكن من استعمال الماء، إما لعدم وجوده وإما لعدم القدرة على استعماله لمانع شرعي أو عادي، ولذا لو اعتقد عدم وجود الماء في راحلته وصلى متيمما ثم تبين وجود الماء أفتوا أيضا بصحة الصلاة، وليس ذلك إلا من باب ان عدم الوجدان أعم من عدم الوجود واقعا أو اعتقادا.
ثم إنه (قدس سره) تعرض لمطلب استطرادي، وهو: انه إذا انقلب