العقلية، فالمثال انما يصلح شاهدا على عدم جريان البراءة العقلية، لا ما إذا صرح المولى نفسه بالبراءة عند الجهل، فإنه في مثل ذلك لم يعلم من حالهم لزوم الفحص على العبد بل يتمسك باطلاق كلام المولى ويجري البراءة بلا فحص.
نعم لو أوكل المولى عبده إلى ما يراه عقله، كان هذا المثال صالحا للاستشهاد على لزوم الفحص. فانتبه.
وأما ما أفاده من التفصيل فهو متين، والوجه فيه هو: انه في الموارد التي يتوقف العلم بالموضوع غالبا على الفحص يكون جعل الحكم في مثل ذلك ظاهرا بالملازمة العرفية في لزوم التفحص عن أفراد الموضوع وعدم إيكال الامر إلى حصول العلم به من باب الاتفاق، فإنه خلاف الظاهر عرفا في مثل هذا المورد، بل يكون جعل الحكم العام مع عدم الالزام بالفحص المستلزم للمخالفة الكثيرة أشبه بتخصيص الأكثر من حيث الاستهجان.
لكن تطبيقه على موارد الشك في الاستطاعة فيه منع، لان الامر في باب الاستطاعة ليس كذلك، إذ يغلب العلم بها بلا فحص ولا محاسبة، لمعرفة غالب الكسبة - ذوي الشأن الكبير منهم والصغير - مقدار أرباحهم من السلعة ومقدار مصرفهم، بحيث يعرف مقدار ما يحصله في السنة بنحو التخمين، فليس العلم بالاستطاعة مما يتوقف غالبا على الفحص.
وبالجملة: ما أفاده الشيخ (رحمه الله) مسلم كبرويا ممنوع صغرويا، ولعله يشير إلى المناقشة الصغروية بقوله في آخر كلامه: " ولكن الشأن في صدق هذه الدعوى ".
وقد أضاف المحقق النائيني (رحمه الله) إلى هذا التفصيل تفصيلا آخر وهو: انه...
تارة: تكون مقدمات العلم حاصلة بحيث لا يحتاج حصول العلم بالموضوع إلى أزيد من التوجه والنظر إلى تلك المقدمات.