وأما الثاني، فقد رده بوجوه عديدة...
أهمها: إنكار اعتبار قصد الوجه في العبادة لما أشار إليه في مبحث التعبدي والتوصلي، من انه من الأمور التي يغفل عنها العامة غالبا. فعدم بيان اعتبارها من الشارع دليل على عدم اعتبارها.
كما أنه ذكر امكان الاتيان بالأكثر بداعي الوجوب، إذ لا يعتبر تمييز الاجزاء، إذ المراد وجه الواجب لا وجه الاجزاء، والأكثر واجب ولو بلحاظ كون الأقل في ضمنه، إذ الأقل مأخوذ لا بشرط.
وكيف كان فما أفاده الشيخ (رحمه الله) لا يخلو عن مسامحة وهو لا يتناسب مع مقامه العلمي (1).
وقد تصدى المحقق النائيني (قدس سره) إلى حل هذه الشبهة - أعني:
شبهة الغرض - والتخلص من وجوب الاحتياط، ببيان مفصل محصله: ان الغرض من المأمور به.
تارة: تكون نسبته إلى المأمور به نسبة المعلول إلى علته التامة، وهذا كمطلق موارد المسببات التوليدية إذا تعلق الامر بأسبابها، كالامر بالالقاء في النار لغرض تحقق الاحراق.
وأخرى: تكون نسبته إليه نسبة المعلول إلى مقدمته الاعدادية، فلا يترتب الغرض مباشرة على المأمور به، وانما يحتاج إلى انضمام مقدمات أخرى لا تكون اختيارية، كالامر بالزرع لغرض صيرورة الزرع سنبلا. فان ما يصدر من الفاعل من أفعال اختيارية من الحرث والبذر والسقي لا يكفي في حصول السنبل، بل يحتاج إلى مقدمات أخرى غير اختيارية كاشراق الشمس ونحوها من الأمور الإلهية. نعم فعل المأمور مقدمة اعدادية للغرض.