ينفى بحديث الرفع، كما لا إلزام من جهته نفسه، بل الالزام به من جهة الامر بالكل وأنه بعضه، فلا معنى لجعل الإباحة ونفي الالزام به كناية.
نعم لو فرض الالتزام بالتبعض في التنجيز كان الجزء قابلا للتنجز وعدمه فيقبل الرفع، لكن عرفت أنه خلاف مبناه، إذ لازم التبعض هو اجراء البراءة العقلية وهو لا يلتزم به.
وإن كان المقصود إجراء البراءة في وجوب الأكثر، فهي معارضة باجرائها في وجوب الأقل استقلالا لأنه مشكوك أيضا، كما أن اجراء البراءة في وجوب الأكثر لا يثبت وجوب الأقل إلا بالملازمة، وليس حالها حال البراءة من جزئية المشكوك. فانتبه.
وأما حديث إطلاق الامر وثبوت وجوب الأقل باجراء البراءة من الزيادة المشكوكة، فهو غير سديد، لان نفي الجزئية ظاهرا - كما التزم به (قدس سره) - يرجع إلى عدم وجوب الاحتياط من جهة الجزء المشكوك، وهذا لا يتكفل اثبات اطلاق الامر ونفي تعلقه بالمقيد الراجع إلى وجوب الأقل، لان عدم وجوب الاحتياط لا يتنافى مع وجود الواقع وثبوته.
هذا، مضافا إلى أن الرفع الظاهري إنما يثبت اطلاق الامر إذا كان الامر ثابتا بدليل ظاهري بأن كان الامر ظاهريا، كوجوب الاحتياط إذا تردد بين الأقل والأكثر.
أما إذا كان الامر المردد واقعيا، فرفع الجزئية ظاهرا في مرحلة الشك وبلسان الغض عن الواقع وقطع النظر عنه، لا يثبت اطلاق الامر الواقعي ظاهرا، إذ الفرض انه لم ينظر فيه إلى الواقع، بل أغفل أمر الواقع فيه وقطع النظر عنه، فتدبر فإنه لا يخلو عن دقة (1).