الأول: ان التقدم والتأخر الرتبي انما يؤثران في مثل الاحكام العقلية المترتبة على الشئ بلحاظ رتبته، دون الأحكام الشرعية المنوطة بالموجودات الخارجية، سواء من حين موضوعاتها أم من حيث متعلقاتها ولا دخل للتقدم والتأخر الرتبي فيها.
وعليه، فالأصل في الملاقي لما كان متحدا زمانا مع الأصول الأخرى كان معارضا لها وان تأخر عنها رتبة. واستشهد على ذلك بالحكم بإعادة الوضوء وصلاتي الظهر والغداة إذا علم اجمالا ببطلان وضوئه لصلاة الغداة أو بطلان صلاة الظهر لفقد ركن منها. والسر فيه: تعارض قواعد الفراغ في جميع هذه الأمور الثلاثة وتساقطها، مع أن قاعدة الفراغ في صلاة الغداة متأخرة رتبة عن قاعدة الفراغ في الوضوء. فلاحظ.
الثاني: ان الأصل الجاري في الملاقي وان كان في طول الأصل في الملاقي، لكنهما معا في عرض الأصل الجاري في الطرف الاخر فيعارضهما معا ويوجب تساقطهما.
ومجرد كون الأصل في الطرف الاخر في عرض الأصل في الملاقي السابق رتبة على الأصل في الملاقي لا يستدعي تقدمه رتبة على الأصل في الملاقي من باب ان المتأخر عن أحد المتساويين في الرتبة متأخرة عن الاخر بالضرورة، فإنه انما يتم في السبق بالزمان لا في السبق بالرتبة، ولذا لا يكون المعلول متأخرا عن عدم علته رتبة مع أن عدم العلة في رتبة العلة السابقة على المعلول رتبة. فتدبر (1).
وكلا هذين الوجهين مردودان:
أما الأول: فلان الامر في تأثير التأخر والتقدم الرتبي في الاحكام العقلية دون الأحكام الشرعية مسلم في الجملة، فإنه قد تقرر عندهم أن الطبيعة بما هي