لاجل السراية، أو كونها من شؤون نجاسة الملاقي، فما هو مقتضى الأصل العملي؟ فهل يقتضي الاحتياط أم البراءة؟.
ذهب المحقق النائيني - كما في تقريرات الكاظمي (1) وعدل عنه في أجود التقريرات (2) - إلى الأول قياسا على مسألة دوران الامر بين مانعية شئ وشرطية عدمه في الضدين اللذين لا ثالث لهما، فان الشرطية والمانعية تشتركان في الآثار ولا تختلفان الا في أثر عقلي عند الشك في تحقق الشرط أو وجود المانع، وهي انه مع الشك في تحقق الشرط يحكم العقل بالاحتياط. بخلاف مورد الشك في وجود المانع، فان العقل يحكم بعدم الاحتياط لأصالة عدم المانع، فإذا شك في أن الشئ هل أخذ مانعا في الصلاة أو ان عدمه أخذ شرطا فيها، لا يمكن نفي الأثر المترتب على الشرطية بأصل البراءة، لأنه أثر عقلي لا شرعي، والبراءة انما تتكفل رفع المجعولات الشرعية.
وما نحن فيه كذلك، لعدم الاختلاف بين المسلكين في الجهة الشرعية وهي نجاسة الملاقي على كل تقدير، وانما الاختلاف بين المسلكين في أثر عقلي في موارد العلم الاجمالي والشك في ملاقاة النجس، إذ على القول بالسراية أو التبعية لا يتحقق امتثال الحكم في الملاقي إلا بالاجتناب عن الملاقي فيكون العلم منجزا بالنسبة إليه. وعلى القول بالاستقلالية لا يتوقف امتثال الحكم في الملاقي على اجتناب الملاقي فلا يكون العلم منجزا بالنسبة إليه، فمع الشك لا يمكن نفي هذا الأثر - أعني: وجوب الاجتناب عن الملاقي - بأصالة البراءة، لان وجوبه على تقديره عقلي وهو لا يرتفع بالبراءة. هذا محصل ما أفاده (قدس سره).
وفيه: انك قد عرفت في مقام بيان السراية ان مرجعها إلى انبساط متعلق