لرجوع الشك إلى دوران الامر بين الأقل والأكثر، والحكم فيه في باب التحريم يختلف عنه في باب الوجوب، لدوران الامر في تعلق الحرمة من تعلقها بخصوص الافراد المعلومة وتعلقها بالمجموع المركب منها ومن الفرد المشكوك - لو كان مصداقا للحرام واقعا - فهو يعلم بحرمة الأكثر إما لنفسه أو لحرمة الأقل في ضمنه.
أما الأقل، فهو غير معلوم الحرمة لاحتمال أن يكون المشكوك مصداق الحرام، فيتحقق ترك المجموع بتركه، فيكون مجرى البراءة دون الأكثر، على العكس في دوران بين الأقل والأكثر في باب الوجوب.
وهذا البيان غير سديد، وذلك لان المفروض ثبوت العلم بتعلق الحرمة بعنوان المجموع المشكوك تحققه بالأقل أو الأكثر، فهو يعلم إجمالا اما بحرمة مجموع الأقل أو مجموع الأكثر، والمطلوب هو اثبات انحلال هذا العلم، وما أفيد لا يحقق الانحلال، إذ أصالة البراءة في الأقل تعارضها أصالة البراءة من الأكثر لعدم العلم تفصيلا بحرمة الأكثر بما هو أكثر، فلا انحلال بخلاف موارد الوجوب، فإنه يعلم تفصيلا بوجوب الأقل - عند دوران الامر بين وجوبه ووجوب الأكثر - على كل تقدير، وهو يمنع من تنجيز العلم الاجمالي - على ما قيل - إذن فمقتضى الاشتغال بالتكليف المزبور هو عدم الاكتفاء بالمشكوك عند ارتكاب غيره، لعدم العلم بتحقق الامتثال بذلك.
وأما إذا كان النهي متعلقا بصرف وجود الفعل..
فمع الشك في مصداقية شئ للحرام قد يلتزم بالبراءة..
إما لاجل الشك في صدق أول الوجود عليه ليكون حراما، فيكون مشكوك الحرمة والمرجع فيه البراءة.
وإما لاجل الشك في كون المكلف في ضيق من التكليف فيه، والبراءة تتكفل رفع الضيق على المكلف ونفيه.