ثم إن جريان قاعدة قبح العقاب بلا بيان لا يختلف الحال فيه بين كون الشبهة تحريمية أو وجوبية، فمثل ما لو دار أمر الفوائت بين الأقل والأكثر، لا يتنجز عليه سوى وجوب الأقل.
وأما الزائد فلا عقاب عليه لعدم البيان. فما ذهب إليه البعض في المثال من عدم الرجوع إلى أصالة الاحتياط والتمسك بالبراءة في غير محله.
وقد ذكر الشيخ لبعض المحققين (1) تفصيلا في مثال الفوائت، وهو أن المكلف..
تارة: يعلم تفصيلا بمقدار الفوائت ثم يعرض عليه النسيان فلا يعلم انها كانت خمسة أو عشرة - مثلا -.
وأخرى: يكون جاهلا من أول الامر بالمقدار ومترددا بين فوات الأقل والأكثر.
ففي الصورة الأولى يلزمه الاحتياط، لتنجز ما علمه تفصيلا في حقه ولا يزول ذلك بعروض النسيان، فإنه - اي النسيان - لا يرفع الحكم الثابت بالاطلاق.
وفي الصورة الثانية لا يلزمه الاحتياط، لعدم تنجز شئ في حقه سابقا يشك في براءة ذمته منه، بل الذي يعلم ثبوته في حقه هو الأقل لا غير.
ونفاه (قدس سره): بأنه يظهر النظر فيه مما ذكرناه سابقا (2).
ولم يزد على هذا بقليل ولا كثير.
ومن الواضح انه ليس فيما تقدم من بيان جريان البراءة العقلية ما ينفي ما ادعاه، من لزوم الخروج عن عهدة العلم التفصيلي المنجز السابق.
فالتحقيق في جواب هذا التوهم هو: ان العلم تفصيليا كان أو إجماليا إنما