الرابع: ما يكون مورد التكليف فعلي مخرج له عن قدرة المكلف شرعا، كتنجس إناء الغير، حيث يحرم استعماله مع قطع النظر عن ارتكابه.
ومن الظاهر أن الأول خارج عن محل الكلام، لان عدم التكليف فيه لعدم الموضوع، لا لعدم الابتلاء.
وكذا الثاني، إذ التكليف التعليقي ليس موردا لانشغال الذمة، وفعلية النجاسة ليست بنفسها موردا للتكليف.
نعم، لو علم بتحقق ما يوجب فعلية التكليف لم يبعد دخوله في محل الكلام، ويبتني الكلام في منجزية العلم الاجمالي معه على ما يأتي في التدريجيات إن شاء الله تعالى.
وأما الثالث فلا يبعد كونه المراد بعدم الابتلاء في كلام شيخنا الأعظم قدس سره وأن ذكر غيره بناء منه على رجوعه إليه، وهو الظاهر من المحقق الخراساني قدس سره.
وقد وجه المحقق الخراساني قدس سره عدم فعلية التكليف معه: بأن الغرض من النهي لما كان هو داعويته للمكلف نحو الترك فلا موقع له مع تحقق الترك من المكلف بسبب عدم الابتلاء بالفعل عادة، لأنه يكون بلا فائدة ولا طائل، بل يكون من قبيل طلب الحاصل.
ومن هنا فقد عم الحكم للامر، فاعتبر في فعليته إمكان ترك المكلف للمأمور به عادة واستحكام الداعي إليه كان الامر به عبثا كالنهي في الفرض السابق.
وبعبارة أخرى: لابد في صحة التكليف من صلوحه لاحداث الداعي في نفس المكلف عادة نحو مقتضاه، فعلا كان أو تركا، فلو لم يصلح لذلك لتحقق مقتضاه بحسب طبع المكلف وظروفه المحيطة به ولم يصلح التكليف لان يحدث فيه شيئا كان التكليف مستهجنا عرفا، لعدم تحقق غرضه.
هذا، وقد ذكر بعض مشايخنا أن الغرض من التكاليف الشرعية ليس