ولا سيما مع أن استحكام الداعي في النفس قد يكون مسببا عن استهجان العرف العام للفعل المسبب عن التكليف، ولولاه لم يستهجن الفعل حتى يستحكم الداعي في نفس ذوي الشرف والمروءة إلى تركه، فإن مثل هذا مما يوجب حسن الخطاب بالتحريم بوجه العموم، وإن امتنع فعليته في حق من استحكم في نفسه الداعي.
على أن كثيرا من هذه الأمور لم يرد خطاب لفظي بها بالخصوص، بل هي بين ما ورد الخطاب به في ضمن غيره مما لا يستحكم الداعي لتركه، وما دلت الأدلة اللبية من الاجماع ونحوه على تحريمه، وهي لا تقتضي فعليته في حق من استحكم الداعي في نفسه.
أما بعض الأعيان المحققين قدس سره فقد استشكل في ما سبق من المحقق الخراساني قدس سره: بأن لازمه لغوية النهي في كل مورد يكون حصول الترك من جهة تنفر الطبع على الاقدام على الفعل، ككشف العورة بمنظر من الناس، خصوصا بالنسبة إلى أرباب المروءة، والكذب بالنسبة إلى أهل الشرف، وشرب الخمر بالنسبة إلى كثير من الأشخاص، مع عدم إمكان الالتزام بذلك.
لكن لم يتضح الوجه في امتناع الالتزام بذلك، خصوصا مع عدم الأثر العملي له إلا في مورد العلم الاجمالي، حيث يظهر الأثر بالإضافة إلى الأطراف الواقعة تحت الابتلاء، ولم يتضح من المرتكزات العقلائية لزوم الاحتياط.
إلا أن يريد استهجان الخطابات العامة بالأحكام المذكورة، نظير ما تقدم من بعض مشايخنا، وتقدم الجواب عنه.
فالأولى الاشكال في ما تقدم من المحقق الخراساني قدس سره بأن الغرض من التكليف ليس هو إحداث الداعي في نفس المكلف، ولا تحصيل المتعلق في الخارج، ولذا يحسن مع العلم بعدمهما بسبب المزاحمة بالقوى الشهوية والغضبية المستحكمة في نفس المكلف المانعة من تأثير التكليف. فما ذكره