وهذا راجع إلى ما أشرنا إليه في صدر هذا التنبيه من توهم أن احتمال انطباق المعلوم بالاجمال على مورد الاضطرار أو التعذر يوجب دخوله في الشك في القدرة الذي يجب فيه الاحتياط، وقد تقدم دفعه بما لا مزيد عليه وأن القياس في غير محله. فراجع.
فالعمدة في الجواب عن الوجه المذكور وجهان:
الأول: أن وجوب الاحتياط مع الشك في القدرة إنما هو مع الشك في تحقق القدرة بنحو الشبهة الموضوعية والعلم بسقوط التكليف معها، لا في مثل المقام مما فرض فيه العلم بتحقق الابتلاء في الجملة والشك في مسقطيته، فإن الشك المذكور نظير الشك في مانعية الموجود، لا نظير الشك في وجود المانع، فإن أمكن الرجوع فيه لاطلاق التكليف - كما لو شك في مقدار الحرج المسقط - فهو، وإلا كان المرجع البراءة.
الثاني: أن القدرة المعتبرة في التكليف..
تارة: تكون بمعنى القدرة على موافقته، في مقابل العجز عنها المستلزم لفوت ملاكه.
وأخرى: تكون بمعنى القدرة على مخالفته في مقابل العجز عنها، المستلزم لعدم الأثر العملي للتكليف من دون أن يفوت ملاكه.
ووجوب الاحتياط إنما يسلم مع الشك في القدرة بالمعنى الأول، حذرا من تفويت الملاك المفروض التمامية مع عدم إحراز العذر المسوغ له.
اما الشك في القدرة بالمعنى الثاني فلا وجه لوجوب الاحتياط فيه، إذ لا يحرز قابلية المورد للتكليف بسبب اللغوية المحتملة، كما لا يحرز فوت الواقع حينئذ، أما مع العلم التفصيلي بالتكليف فواضح، وأما مع العلم الاجمالي فلاحتمال كون مورد التكليف غير المقدور فلا يفوت، واحتمال كون مورده المقدور ليلزم من عدم الاحتياط فيه فوته مدفوع بالأصل.