فلو كان بعض الأطراف مبتلى بالمانع من فعلية التكليف - كالاضطرار والتعذر والاكراه والحرج ونحوها - لم يصلح العلم الاجمالي لتنجيز التكليف بالإضافة إلى الأطراف الاخر، لعدم العلم في الحقيقة بالتكليف الفعلي، بل بمقتضي التكليف الذي هو لا يستتبع العمل ولا يكون منشأ للطاعة والمعصية، وليس التكليف الفعلي في الطرف الخالي عن المانع إلا مشكوكا بالشك البدوي غير المنجز، فيصح الرجوع فيه للأصل المرخص، لو فرض تحقق موضوعه إن قلت: لا مجال لذلك في مثل التعذر، لأن الشك في التكليف راجع إلى الشك في القدرة على امتثاله مع إحراز موضوعه ولو إجمالا، والمرجع مع الشك في القدرة هو الاحتياط، وكذا الحال في الاكراه والحرج ونحوهما مما يلحق بالتعذر شرعا، ويكون من سنخ العذر عرفا، حيث لا يصح الاعتماد على احتمال العذر في إهمال التكليف، بل لابد من إحرازه، وهو غير محرز في المقام، لاحتمال انطباق التكليف المعلوم بالاجمال على غير مورده.
قلت: المتيقن من وجوب الاحتياط مع الشك في القدرة ونحوها من الاعذار هو وجوب السعي لتحصيل ما يحرز تحقق الامتثال به في ظرف الشك في القدرة عليه، لا تحصيل ما يعلم بالقدرة عليه في ظرف الشك في تحقق الامتثال به، كما في المقام، فإن الطرف غير الواجد لعنوان العذر يعلم بالقدرة عليه ويشك في كونه محققا للامتثال.
وإن شئت قلت: وجوب الاحتياط إنما هو مع الشك في سعة القدرة، ولا شك في ذلك في المقام، بل في حال المقدور.
هذا كله لو كان الشك في امتثال التكليف الواحد، كما لو وجب على المكلف عتق رقبة مؤمنة، وعلم بأن إحدى الرقبتين اللتين يتعذر عليه عتق إحداهما ويتيسر له عتق الأخرى مؤمنة، فإن التكليف وارد على العنوان المردد