ذلك، خصوصا في العصور السابقة التي كانت وسائط النقل فيها غير مريحة.
إلا أن يريد من عدم القدرة العادية ما يساوق عدم القدرة الفعلية لانسداد طرق التحصيل وإن كان الفعل ممكنا ذاتا.
لكن عدم التكليف حينئذ ليس هو للاستهجان العرفي، بل للامتناع العقلي، لاعتبار القدرة الفعلية بحكم العقل، ولا دخل لذلك بعدم الابتلاء الذي هو محل الكلام.
ومنه يظهر أن تكليف الفقير المعدم بتزويج بنات الملوك وأكل طعامهم إن كان مع قدرته عليهما فعلا ولو مع صعوبة المقدمات وكثرتها فهو غير مستهجن، غاية ما في الامر أنه قد يكون حرجيا، وإن كان مع تعذرهما عليه فعلا لانسداد المقدمات فهو ممتنع عقلا، كتكليفه بالجمع بين الضدين، والطيران في الجو، وقلع الجبال الرواسي.
وقد تحصل: أن المعيار في عدم الابتلاء هو ما ذكره المحقق الخراساني قدس سره، والوجه في عدم فعلية التكليف معه هو ما أشرنا إليه من عدم قابلية الخطاب معه، لانتزاع المسؤولية عقلا بالنحو المقوم للتكليف، الذي هو موضوع حكم العقل بوجوب الطاعة وقبح المعصية.
وعليه يترتب عدم منجزية العلم الاجمالي في ظرف عدم الابتلاء ببعض الأطراف، لان ملاك التكليف وموضوعه وإن أحرز إجمالا، إلا أنه لا يحرز فعليته بالنحو الذي ينتزع منه المسؤولية وانشغال الذمة عقلا الذي هو الموضوع لوجوب الطاعة وقبح المعصية، لعدم فعلية التكليف بالنحو المذكور على تقدير مصادفته لمورد عدم الابتلاء، فلا مانع من الرجوع في الطرف المبتلى به للأصل الترخيصي، وهذا قريب جدا للمرتكزات العقلائية في التنجيز والتعذير.
ولعل سيرة المتشرعة شاهدة به، لعدم اعتنائهم ارتكازا بالتكليف الاجمالي في المورد المذكور، ومن القريب جدا استناد هم في ذلك للمرتكزات