قدس سره في توجيه مدعاه غير تام.
والعمدة في وجهه: أن الغرض من التكليف هو جعل السبيل على المكلف من قبل المكلف، بحيث يكون طرفا لمسؤوليته وتحميله كما ذكرناه في حقيقة الإرادة التشريعية، وفي مبحث الجمع بين الاحكام الواقعية والظاهرية، ولا يتضح بعد ملاحظة المرتكزات العقلائية صلوح الخطاب لاحداث المسؤولية المذكورة مع استحكام الداعي في نفس المكلف، بحيث يكون مخالفته لمقتضى التكليف على خلاف طبيعته الثانوية، وإن كانت ناشئة من بعض الأسباب الخارجية، كصعوبة الفعل واستهجانه ونحوهما من الصوارف في النهي، وشدة عادته له أو استحكام الداعي له في الامر، بل الظاهر مع ذلك عدم انتزاع المسؤولية المقومة للتكليف، وبها يكون موضوعا لحكم العقل بالطاعة والمعصية.
نعم، لا يكفي في ذلك مجرد تعلق الإرادة الفعلية على مقتضى التكليف، لأسباب موقتة طارئة، فإن مجرد تعلق الإرادة لا ينافي السعة بالإضافة إليه، فيصلح التكليف لرفع السعة المذكورة واحداث المسؤولية. فتأمل جيدا.
ثم إن بعض الأعاظم قدس سره جعل المعيار في عدم الابتلاء هو كون الفعل غير مقدور عادة لبعد مقدماته وصعوبتها الموجبة لصعوبته، لدعوى اعتبار القدرة العادية في المنهي عنه زائدا على القدرة العقلية، لان الغرض من النهي لما كان هو ترك الفعل المنهي عنه لم يحسن الخطاب بترك ما يكون متروكا عادة، بل كان مستهجنا للغويته.
ومن هنا خص اعتبار القدرة العادية بالمنهي عنه دون المأمور به، حيث يصح التكليف بتحصيل ما لا يكون مقدورا عادة مع القدرة عليه عقلا لأهمية ملاكه، بنحو يلزم تحصيله ولو مع صعوبته، نعم، يمكن التفضل شرعا برفعه، كما في موارد الحرج ونحوه.