وفيه: - مع الغض عما عرفت من أن الغرض من التكليف ليس هو حصول متعلقه في الخارج، بل جعل السبيل على المكلف - أن ذلك يقتضي اعتبار عدم حصول الترك عادة لوجود الصارف النفسي ولو مع القدرة العادية وسهولة تحصيل الفعل (1).
بل لو فرض عدم القدرة العادية على الفعل إلا أنه لم يوجب انصراف المكلف عنه، بل تعلق له الغرض بتحصيل الفعل وتحصيل مشقته فلا إشكال في حسن النهي عنه، لعدم تحقق الترك عادة لولا النهي.
على أن نظير ما ذكره في النهي ليس هو اعتبار القدرة العادية في فعل المأمور به، ليصح الفرق بينهما بما تقدم، بل هو اعتبار القدرة العادية على ترك المأمور به، فلو لم يكن تركه مقدورا عادة كان الفعل حاصلا مع قطع النظر عن الامر به، فيكون الامر به عبثا مستهجنا كالنهي مع عدم القدرة العادية على الفعل.
وأضعف منه ما ذكره بعض الأعيان المحققين قدس سره من اعتبار القدرة العادية على الفعل في كل من الأمر والنهي، لا لأجل لزوم العبث واللغوية، بل لأجل استهجان العرف للخطاب بالامر بالشئ أو النهي عنه مع كون المكلف أجنبيا عنه عرفا، لعدم قدرته عليه بحسب العادة، ولذا يستهجن تكليف الفقير المعدم تنجيزا بوجوب تزوج بنات الملوك وأكل طعامهم، كما يستهجن تحريمهما عليه، بل لا يحسن التكليف بهما تحريما أو إيجابا إلا معلقا على الابتلاء.
إذ فيه: - مع ما عرفت من عموم ملاك الاستهجان وعدم إناطته بالتعذر العادي - أنه لا مجال لتوهم امتناع الامر بما لا يقدر عليه عادة مع القدرة عليه عقلا بتهيئة مقدماته له إن كانت بعيدة شاقه، وليس الحج في حق النائي إلا من