وإن كان قادرا، كما هو المشاهد في كثير من الموالي العرفيين، حيث يتسنى له إقناع العبد وإحداث الداعي له، بمثل الترهيب والترغيب والتذكير.
بل لا إشكال فيه في حق المولى الأعظم عز وجل، إذ لو سلم ما ذكره بعضهم من عدم استناد اختيار العبد إليه تعالى، إلا أنه لا ريب في وقوعه تحت سلطانه، ولو بتهيئة أسباب الهداية والسعادة، أو الخذلان والشقاوة، قال تعالى: ﴿ولو شاء ربك لا من في الأرض كلهم جميعا﴾ (١) وقال عز وجل: ﴿قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين﴾ (٢) وقال سبحانه: ﴿إن نشأ ننزل عليهم آية فظلت أعناقهم لها خاضعين﴾ (3).
مضافا إلى أن أخذ الاختيار قيدا في المراد والمكلف به - لو أمكن، وغض النظر عما قيل من عدم كون الاختيار اختياريا، فيمتنع أخده في المكلف به الاختياري - كان لازمه عدم الاجزاء بالموافقة بوجه غير اختياري، ولا يمكن البناء عليه في غير العباديات. فلا حظ.
الثالث: ما ذكره سيدنا الأعظم (قدس سره) (4) من أن الاختلاف بين الإرادتين إنما هو في كيفية التعلق بالمراد، مع وحدة حقيقتهما ومتعلقهما.
بدعوى: أنه إذا كان لوجود الفعل مقدمات عديدة كان لكل منه دخل في جهة من جهاته، فهي تمنع العدم من جهتها، وحينئذ فالمصلحة الداعية للشئ والموجبة لإرادته قد تكون مقتضية لحفظه من جميع الجهات، وقد