تلبس الذات بالقيام واما كون هذا التلبس حلوليا فهو من جهة أرضية المادة، فإنها موضوعة لمعنى يقتضي أن يكون قيامه بالذات على نحو الحلول والتوصيف، فإذن قيام المبدأ بالذات بطبعه يقتضي تارة كونه حلوليا وصفيا وأخرى صدوريا إيجاديا.
ومن ناحية ثالثة أن المبدأ القائم بالذات إذا كان بنحو الحلول كان منشأ لانتزاع عنوان وصفي اشتقاقي خاص وهو يدل على قيامه بها كذلك، وذلك كالقائم والنائم والمتحرك والمائت والساكن والجالس وما شاكل ذلك، فان هذه الأوصاف الاشتقاقية تنتزع من قيام مبادئها بالذات قيام حلولي وصفي أي قيام الصفة بالموصوف والحال بالمحل، فمن أجل ذلك تدل على تلبسها بها حلوليا، وأما دلالتها على الحلول والوصف فإنما هي بلحاظ خصوصية مبادئها كما عرفت، ولهذا لا تصدق هذه العناوين والأوصاف الاشتقاقية على الذوات التي تكون مبادئها قائمة بها بنحو الصدور والايجاد يعني قيام الفعل بالفاعل لا الصفة بالموصوف لما مر من أنها منتزعة من قيام مبادئها بها قيام حلولي، ومن هنا لا تصدق تلك الأوصاف الاشتقاقية على الله تعالى مع أن مبادئها قائمة بذاته المقدسة بنحو الصدور والايجاد أي قيام الفعل بالفاعل، وأما إذا كان بنحو الصدور والايجاد فهو منشأ لانتزاع عنوان اشتقاقي خاص وذلك كالضارب والناصر والقاتل والخالق والرازق وما شابه ذلك، فان هذه العناوين الاشتقاقية إن كانت تدل على تلبس الذات بالمبدأ بنحو الصدور والإيجاد أي بنحو قيام الفعل بالفاعل لا الصفة بالموصوف، ولكن خصوصية الصدورية إنما جاءت من قبل مبادئها لا من قبل الهيئات نفسها، ومن هنا لا تصدق تلك العناوين على الذات القائمة بها تلك المبادئ بنحو الحلول.