مورد توهمه، هل يصلح أن يكون قرينة نوعية مانعة عن دلالة الأمر على الوجوب أو لا، وأما كونه قرينة في بعض الموارد لمناسبة أو خصوصية فيه فلا اشكال فيه، وإنما الكلام في قرينيته نوعا بنحو ضابط كلي، وهي التي تناسب أن تكون مبحوثا عنها في المسألة دون البحث عن دلالة الأمر على الوجوب أو على الإباحة أو على الحكم السابق قبل النهي، هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى الظاهر أن وقوع الأمر تلو الحظر قرينة نوعية على المنع من دلالة الأمر على الوجوب ورفع الحظر، بمعنى أنه لا منع ولا حظر بعد ذلك، وأما أنه واجب أو مباح أو مكروه أو مستحب فلا يدل على شيء من هذا، نعم إذا كان الأمر معلقا على زوال علة النهي كان يدل على الحكم السابق قبل النهي إن كان وجوبا، فالوجوب كما في قوله تعالى: (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين) (1)، فإنه يدل على الوجوب، بقرينة أن الحكم السابق هو الوجوب وإن كان مباحا، فالإباحة كما في قوله تعالى: (وإذا حللتم فاصطادوا) (2)، فإنه يدل على الإباحة باعتبار أن الحكم السابق هو الإباحة، وهذه الدلالة من جهة قرينة المقام لا في نفسه.
فالنتيجة، أن الأمر الواقع عقيب الحظر لا يدل إلا على رفع الحظر والمنع، وأما دلالته على الوجوب أو الإباحة بحاجة إلى قرينة.
وأما الدعوى الثانية، فقد ظهر مما مر أن الأمر الواقع عقيب الحظر لا يدل على الوجوب في نفسه، ومن هنا ذكر السيد الأستاذ (قدس سره) أن عدم دلالة الأمر على الوجوب واضح على جميع الأقوال في المسألة، أما على القول بأن دلالته عليه