أمر المولى بصوم شهرين متتابعين وشككنا في أن وجوبه تعييني أو تخييري، فبطبيعة الحال يكون مرد هذا الشك إلى الشك في أن الصوم واجب على المكلف تعيينيا، أو أنه واجب عليه تخييرا بينه وبين الاطعام، ولا فرق في ذلك بين أن يكون متعلق الوجوب التخييري كل واحد من الخصال بعنوانه بنحو الوجوب المشروط أو الجامع بينها، وعلى كلا الفرضين فالشك في أن الصوم في المثال واجب تعيينيا أو تخييريا بينه وبين الاطعام، إما بملاك أن كلا منهما واجب بنحو الواجب المشروط أو بملاك أن كلا منهما فرد للواجب، فإذا كان الشك في المقام من موارد الشك في التعيين والتخيير. فالمرجع فيه إصالة البراءة عن التعيين، فالنتيجة هي التخيير، وبكلمة أن المرجع في دوران الأمر بين التعيين والتخيير أصالة الاشتغال في مسألتين:
الأولى: أن يكون الشك في التعيين والتخيير في الحجية، بأن يكون الأمر دائرا بين حجية امارة تعيينيا وحجيتها تخييرا بينها وبين امارة أخرى، ففي مثل ذلك يكون مقتضى الأصل التعيين.
الثانية: أن يكون الشك فيهما في مرحلة الامتثال بعد العلم بالتكليف بتمام حدوده واشتغال ذمته به.
وأما إذا كان الشك في التعيين والتخيير في مرحلة الجعل، فيكون المرجع فيه قاعدة البراءة عن التعيين، وما نحن فيه من هذا القبيل.
ومن هنا يظهر أن نتيجة الأصل اللفظي في هذه المسألة تختلف عن نتيجة الأصل العملي فيها، فإن نتيجة الأول اثبات التعيين ونتيجة الثاني اثبات التخيير.