وقد يقال كما قيل إنه يمكن التمسك باطلاق المادة كالوضوء، مثلا أن الحصة غير الموصلة منها مصداق للواجب أيضا، ولا زم ذلك أن الوضوء واجب نفسي بناء على ما هو الصحيح من اختصاص الوجوب الغيري بالحصة الموصلة فقط، وهذا اللازم حجة في باب الألفاظ، أو فقل أن اطلاق المادة يدل بالمطابقة على أن الحصة غير الموصلة مصداق لها وبالالتزام على أنها واجبة نفسية لا غيرية.
والجواب: أولا أن هذه الطريقة لو تمت فإنما تتم على القول بتخصيص الواجب الغيري بالحصة الموصلة فقط لا مطلقا.
وثانيا أن اثبات مصداقية الحصة غير الموصلة للواجب كالوضوء مثلا متوقف على كونه واجبا نفسيا، إذ لو كان غيريا لم تكن الحصة المذكورة مصداقا له، فلو توقف كونه واجبا نفسيا على مصداقية تلك الحصة لزم الدور، وعليه فلابد من اثبات وجوب المادة كالوضوء بوجوب نفسي في المرتبة السابقة، فإذا ثبت وجوبها النفسي كذلك، فعندئذ كانت الحصة المذكورة مصداقا لها وإلا فلا.
نعم، لو كانت مصداقية الحصة غير الموصلة للمادة بنفسها تدل على وجوبها النفسي بالالتزام، صح هذا الوجه، إلا أن المقدم باطل حينئذ، لوضوح أن المادة لا تقسم إلى الحصتين المذكورتين إلا بعد فرض وجوبها لا مطلقا، ضرورة أنه لا معنى لتقسيم الوضوء إلى الوضوء الموصل وغير الموصل في نفسه وبقطع النظر عن وجوبه.
هذا إضافة إلى أن الوضوء لو كان واجبا نفسيا لم ينقسم إلى الحصة الموصلة وغير الموصلة، لأن هذا التقسيم إنما هو بملاك اختصاص وجوب المقدمة بالحصة الموصلة، ومعنى اختصاصه بها أنه مشروط بترتب ذي المقدمة عليها خارجا، ومن الواضح أن هذا الملاك غير موجود فيما إذا كان وجوبه نفسيا، فإذن لا