الوجوب وموضوعا بإزائه لم يصح اطلاقه على الطلب الندبي إلا بالعناية والمجاز، وعليه فصحة اطلاق الأمر على الطلب الندبي حقيقة قرينة واضحة على أن الأمر موضوع للطلب الجامع بين الوجوب والندب، ويؤيد ذلك تقسيم الطلب إليهما (1).
ويرد عليه أنه مصادرة واضحة، فان صحة اطلاق الأمر حقيقة على الطلب الندبي منوط بكون الأمر موضوعا للجامع بين الوجوب والندب، وأما إذا كان موضوعا للوجوب فقط فيكون اطلاقه على الطلب الندبي مجازا، ومن الواضح أن اطلاق الأمر على الطلب الندبي حقيقة ليس أمرا مسلما لكي يجعل ذلك قرينة على أنه لا يدل على الوجوب ولم يوضع بإزائه.
فالنتيجة: أنه لا يمكن اثبات وضع الأمر للجامع بصحة اطلاقه على الطلب الندبي حقيقة لأنه دوري، على أساس أن صحة اطلاقه كذلك متوقفة على وضعه للجامع وإلا لم يصح إلا بالعناية والمجاز، فلو كان وضعه للجامع متوقفا عليها لدار. وأما صحة التقسيم فهي لا تصلح أن تكون مؤيدة، لأنها لا تدل على أكثر من استعمال الأمر في الجامع وهو أعم من الحقيقة.
وأما الدعوى الثانية وهي أن دلالة الأمر على الوجوب إنما هي بالاطلاق ومقدمات الحكمة، فيمكن تقريب ذلك بعدة وجوه:
الأول: أن الطلب الوجوبي طلب تام وكامل، وحيث أن كمال الشئ عين الشئ لا أنه أمر زائد عليه، فلا يحتاج بيانه في المقام إلى مؤونة زائدة، وهذا بخلاف الطلب الندبي فإنه طلب ناقص وضعيف، والنقص والضعف أمر عدمي