رفع اليد عن الاطلاق الشمولي في بعض مدلوله، بخلاف تقديم الشمولي، فإنه لا يقتضي رفع اليد عن الاطلاق البدلي، فإن المفروض أنه الواحد على البدل، وهو محفوظ، غاية الأمر أن دائرة كانت وسيعة فصارت ضيقة.
وببيان آخر: أن البدلي يحتاج زائدا على كون المولى في مقام البيان إلى إحراز تساوي الافراد في الوفاء بالغرض، حتى يحكم العقل بالتخيير، بخلاف الاطلاق الشمولي، فإنه لا يحتاج إلى أزيد من ورد النهي على الطبيعة الغير المقيدة، فيسري الحكم إلى الافراد قهرا، فمع الاطلاق الشمولي لا يحرز تساوي الافراد، فيكون الشمولي حاكما على البدلي. انتهى.
أقول: التحقيق أن تقسيم الاطلاق إلى الشمولي والبدلي غير صحيح، لا في المقام ولا في باب المطلق والمقيد، وأما هناك فلان اللفظ الموضوع للطبيعة أو لغيرها لا يمكن أن يدل ويحكي عن شي آخر وراء الموضوع له، وخصوصيات الافراد أو الحالات لا بد لإفادتها من دال آخر، ومقدمات الحكمة لا تجعل غير الدال دالا وغير الحاكي حاكيا.
فلا يستفاد من مقدمات الحكمة إلا كون ما جعل موضوعا تمام الموضوع للحكم من غير دخالة قيد آخر فيه، وهذا ليس من قبيل دلالة اللفظ، ففي قوله: أحل الله البيع (1) بعد مقدمات الحكمة يحكم العقلا بأن الطبيعة من غير دخالة شي فيها محكومة بالحلية لا أفرادها، فإنها ليست مفاد اللفظ، ولا مفاد الاطلاق ومقدمات الحكمة.